تسعى الحكومة الإسبانية الى دفع الاتحاد الأوروبي اعتبار صخرة جبل طارق منطقة أوروبية تحتاج الى تصفية الاستعمار في حالة ما إذا طبقت لندن البريكسيت وخرجت من الوحدة الأوروبية. وترفع مدريد من ضغطها مستغلة صمت المغرب على المطالبة بمدينتي سبتة ومليلية في الوقت الراهن بسبب انشغاله بنزاع الصحراء الغربية ومستغلة كذلك ضغط الأرجنتين على بريطانيا في ملف جزر المالوين.
في هذا الصدد، أوردت جريدة الموندو خبرا نهاية الأسبوع نقلا عن مصادر أوروبية يفيد بمفاوضات غير معلنة تقوم بها حكومة اسبانيا مع مختلف الحكومات الأوروبية وكذلك المفوضية الأوروبية يرمي الى جعل الاتحاد الأوروبي يصنف صخرة جبل طارق “أراضي غير مستقلة تحتاج الى تصفية الاستعمار”، إذا ما نفذت الحكومة البريطانية قرارها بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي. وتبرز الجريدة بانكباب لجنة أوروبية على هذا الموضوع الذي سيعالج صخرة جبل طارق لتصدر هذه التوصية إذا انفردت لندن بتطبيق ما يصطلح عليها “البريكسيت القاسي”، أي الانسحاب من دون مفاوضات واتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي.
وأثيرت هذه القضية مجددا بسبب إشكالية التعامل مع الأوروبيين الذين يزورون الأراضي البريطانية بما فيها تلك المسجلة في الأمم المتحدة بمثابة مناطق تستوجب تصفية الاستعمار. وتسربت الوثيقة الأوروبية الى الصحافة البريطانية ومنها “دايلي تليغراف” التي انتقدت موقف مدريد واعتبرته مستفزا في هذه اللحظات التي يمر منها البريكسيت بصعوبة فائقة.
وتضاعف مدريد من مساعيها لجعل صخرة جبل طارق حاضرة على مختلف المستويات، وكانت على وشك عرقلة اتفاق البريكسيت عندما تجاهلت المفوضية الأوروبية مطالب اسبانيا بشأن الصخرة. ونجحت حكومة بيدرو سانتيش في انتزاع التزام من المفوضية الأوروبية بعدم اتخاذ أي قرار حول صخرة جبل طارق مع بريطانيا دون العودة الى مدريد.
وكان الاعتقاد السائد هو أن وصول حكومة اشتراكية الى السلطة في مدريد سيجعل هذه الأخيرة تقلل من الضغط على بريطانيا واستحضار جبل طارق عكس حكومة اليمين السابقة بزعامة ماريانو راخوي التي كانت متشددة في هذا الملف. لكن كل المعطيات تشير الى عزم مدريد الذهاب في هذا الملف بعيدا. ومن ضمن المعطيات التي تساعدها: إعادة الاتحاد الأوروبي صياغة العلاقات مع بريطانيا وبالتالي وضعية جديدة لصخرة جبل طارق. ثم التقاء مصالح الأرجنتين واسبانيا في الضغط على بريطانيا وجعلها قوة استعمارية أمام العالم، فالأولى تضغط في ملف جزر المالوين أو الفوكلاند والثانية في صخرة جبل طارق. وأخيرا هو عدم طرح المغرب ملف سبتة ومليلية، مما لا يشكل إزعاجا لإسبانيا، حيث كانت في الماضي تعاني من كونها قوة استعمارية في سبتة ومليلية وتطالب بتصفية الاستعمار في صخرة جبل طارق.