وجهت وزارة الخارجية المغربية مذكرة إلى موظفيها والمتعاونين معها في التمثيليات الدبلوماسية في الخارج تنص على ضرورة الحفاظ على السر المهني والالتزام بالأعراف والقوانين للحفاظ على صورة المغرب. وتعتبر هذه المذكرة سابقة من نوعها خاصة تسريبها إلى الصحافة بشكل يبدو أنه متعمد كتحذير موجه إلى بعض الموظفين.
ونشرت الصحافة المغربية ومنها “هسبريس” خلال الأسبوع الجاري مقتطفات من هذه المذكرة التي تنص على مجموعة من القواعد التي لا تعتبر جديدة بل معمولا بها ولكن يجري التأكيد عليها بقوة في الوقت الراهن، وهي تنظيم حضور المسؤولين الدبلوماسيين والمساعدين في الحفلات التي تقام من طرف الهيئات الدبلوماسية سواء في المغرب أو الخارج، علاوة على ضرورة الحفاظ على السر المهني، والاستشارة قبل تلبية أي دعوة في الداخل والخارج.
وتعتبر هذه المذكرة مثيرة للغاية سواء من حيث المضمون أو تعمد تسريبها إلى الصحافة المغربية. ويؤكد مصدر ديبلوماسي سابق عمل في وزارة الخارجية المغربية: “كل موظف في وزارة الخارجية يتلقى تكوينا في البروتكول وكيفية تمثيل البلاد علاوة على المحافظة على أساليب وتقنيات السر المهني ومواجهة التجنيد والاستقطاب من طرف دول ثالثة، ويحدث بين الحين والآخر تذكير الدبلوماسيين عبر دورية داخلية أو خلال اجتماع الموظفين مع رؤسائهم بهذه المقتضيات”.
ويضيف: “تسريب خبر المذكرة هو عمل متعمد يحمل رسالة موجهة إلى بعض الموظفين الدبلوماسيين بعدما قد تكون تفاقمت تصرفات لا تشرف المغرب في بعض الأحيان، لكن يبقى المقلق هو الإشارة إلى السر المهني. عملية التسريب العلني هو تشكيك نسبي في عمل الدبلوماسيين، وكان الأجدر الاقتصار على العمل الداخلي وهو تولي رؤساء الأقسام للعاملين تحت إمرتهم”.
وهناك نوعان من العاملين في التمثيليات الدبلوماسية ووزارة الخارجية، الأغلبية وينتمون إلى السلك الدبلوماسي، وجزء يشمل الأعوان، أي المغاربة المقيمين في الخارج الذين يعملون في السفارات والقنصليات ولا يحملون الصفة الدبلوماسية.
ومثل باقي الدول، يتعرض الدبلوماسيون المغاربة والأعوان لعمليات استقطاب من طرف استخبارات ودبلوماسية الدول التي يهمها الشأن المغربي كثيرا مثل الجزائر وإسبانيا وفرنسا وبعض دول الخليج الغربي وعلى رأسها العربية السعودية. ولا يمكن استبعاد توجيه هذه المذكرة بطلب من الاستخبارات المغربية سواء المدنية أو العسكرية التي قد تكون رصدت ارتفاع محاولة استقطاب دبلوماسيين مغاربة في الحفلات. وكان المغرب في الماضي قد حاكم عددا من موظفي وزارة الخارجية بتهمة العمالة لقوى أجنبية، لكن خلال السنوات الأخيرة لم تحدث محاكمات من هذا النوع، وبالتالي قد تكون الدولة المغربية قد لجأت إلى تهميش المشكوك فيهم أو عملية التسريح المباشرة.
وكانت الاستخبارات والدبلوماسية قد حاولتا منذ سنين تقنين تعاون واجتماع الجمعيات غير الحكومية المغربية مع السفارات والتمثيليات الأجنبية عموما والتحكم في الدعم الخارجي، لكنها لم تنجح في هذا المسعى بحكم صعوبة التحكم في هذا النوع من العلاقات في وقت أصبح العالم متشابكا بين ما هو داخلي وخارجي.