عادت قضية المعطي منجب، الأستاذ الجامعي والناشط الحقوقي، إلى الواجهة، بعد تحريك النيابة العامة بحثا معه ومع عائلته تجريه الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. وحسب البلاغ الذي أصدره وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط، في 7 أكتوبر، فإن الأمر يتعلق ببحث حول شبهة «غسل الأموال» في مواجهة منجب، فيما رد هذا الأخير بأن هذه التهمة «ليست جديدة»، وأعلنت لجنة التضامن مع منجب، والتي تشكلت منذ بداية محاكمته في ملف آخر منذ 2015، أنها قررت الوقوف إلى جانبه.
وحسب المعطيات التي أشار إليها بلاغ وكيل الملك، فإن النيابة العامة توصلت بإحالة من «وحدة معالجة المعلومات المالية»، وهي مؤسسة تابعة لرئاسة الحكومة مهمتها مراقبة العمليات المالية ورصد جرائم غسل الأموال، تتضمن جردا لمجموعة من «التحويلات المالية المهمة»، وقائمة بعدد من «الممتلكات العقارية» التي شكلت موضوع «تصاريح بالاشتباه» لأنها «لا تناسب المداخيل الاعتيادية التي صرح بها المعطي منجب وأفراد عائلته».
وتتضمن هذه الإحالة، حسب النيابة العامة بالرباط، «معطيات حول أفعال من شأنها أن تشكل عناصر تكوينية لجريمة غسل الأموال»، لذلك، فقد كلفت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بإجراء «بحث تمهيدي» حول مصدر وطبيعة المعاملات والتحويلات المالية التي أنجزها المعنيون بالأمر، وكذا تحديد «مصدر الممتلكات العقارية» وتحديد علاقاتها بأفعال جنائية أخرى، تعتبر جرائم أصلية لـ«غسل الأموال».
من جهته، رد منجب بأن بلاغ وكيل الملك «يظهر وكأن التهمة جديدة، وهي ليست كذلك» مشيرا إلى أنه يبدو أنه أزيلت التنهم السياسية(تهديد صلامة الدولة الداخلية) من الملف الأصلي الذي يتابع به منذ سنة 2015، معتبرا أن الهدف هو إضعاف موقفه أمام الرأي العام الوطني والدولي «بتهمة حق عام بحتة»، متسائلا كيف أنه متابع «منذ خمس سنوات، ومع ذلك لم تنطلق محاكمته، رغم انعقاد عشرين جلسة بالتمام والكمال».
وأشار منجب إلى أنه خلال الأسابيع الأخيرة حاولت السلطات «عبر إعلامها» دفعه إلى مغادرة البلاد، ونشرت أنه هرب أمواله وأسرته، في شهر غشت إلى فرنسا، مشيرا إلى أنه كان هناك «لأسباب عائلية» ثم رجع إلى المغرب. وأكد أنه بريء من كل «التهم التشهيرية»، وأن تحريك هذه القضية يعد ردا على تصريحات أدلى بها.
تضامن لجنة الدعم
من جهتها، أعلنت «اللجنة الوطنية للتضامن مع معطي منجب والنشطاء الستة» أنها تلقت باستغراب شديد بلاغ وكيل الملك، منتقدة انتهاك الحياة الخاصة لمنجب، ولاحظت أنه بالعودة إلى تقارير «وحدة معالجة المعلومات المالية»، فإنها وجهت، منذ تنصيبها من 10 أبريل 2009 إلى نهاية سنة 2018، ما مجموعه 107 مذكرات إحالة للنيابة العامة بالرباط، «غير أنه طيلة هذه المدة، لم يسبق قط أن أصدر السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط بلاغًا للرأي العام يخبره فيه بما قرره بشأن هذه الإحالات»، متسائلة عن سبب «التمييز» الذي قامت به النيابة العامة بالرباط «في حق المؤرخ والحقوقي معطي منجب»، وتساءلت عن «المرتكزات القانونية» التي اعتمدتها النيابة العامة من أجل حرمانه من حقه في «حماية حياته الخاصة، وأن يكون مشتبهًا في ارتكابه جريمة فعلية وليست محتملة، كما انتقدت ذكر النيابة العامة عائلة منجب، لأن «المسؤولية الجنائية مسؤولية شخصية وليست عائلية».
ولهذا، اعتبرت اللجنة أن البحث القضائي الذي يخضع له منجب وأفراد عائلته «يفتقر إلى أسس صلبة لإثبات مشروعيته»، معلنة دعمها إياه في كل الخطوات النضالية والقانونية التي يعتزم القيام بها.
ويتابع منجب منذ 2015، رفقة ستة صحافيين ونشطاء، في ملف آخر، بتهم «المساس بالسلامة الداخلية للدولة»، و«النصب واستعمال أموال في غير ما هو مقرر في قانون الجمعيات»، و«تسلم أموال من جهات أجنبية بخلاف مقتضيات قانون 1958»، وكان منجب ينظم دورات تدريبية لفائدة صحافيين شباب في «مركز ابن رشد»، الذي كان يديره بالتعاون مع «الجمعية المغربية للصحافة الاستقصائية»، وخاصة حول تطبيق إلكتروني يستعمل في التغطيات الصحافية يسمى «ستوري ميكر»، تموله منظمة هولندية. وإثر هذه المتابعة، أغلق منجب مركز ابن رشد. وفي غشت 2015، مُنع من السفر خارج المغرب، فأصدرت وزارة الداخلية بلاغا نفت فيه منعه، لكنه منع حين حاول السفر، قبل أن يخوض إضرابا عن الطعام لم يرفعه إلا بعد تدخل شخصيات، منهم الراحل عبد الرحمان اليوسفي. ومازالت هذه المحاكمة مستمرة إلى اليوم، وتعرف تأجيلات متكررة.