لأول مرة: فرنسا ترأس الاتحاد الأوروبي ودون أجندة واضحة ومخاطبين في المغرب العربي

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووراءه العلم المغربي والجزائر

ضمن الرئاسة بالتناوب، أصبحت فرنسا ومنذ أول  يناير الجاري رئيسة الاتحاد الأوروبي إلى غاية نهاية يونيو/حزيران المقبل، وتهدف إلى تعزيز دول القارة الأوروبية في العالم، إلا أن رئاستها تتصادف وتوتر العلاقات مع منطقة المغرب العربي، الأمر الذي لم يحدث في الماضي بهذا الشكل.
وتعتبر رئاسة الاتحاد الأوروبي هامة للغاية لأن كل دولة ترغب في ترك بصماتها على مستقبل هذا الاتحاد، خاصة إذا تعلق الأمر بدولة ذات وزن سياسي واقتصادي مثل فرنسا التي تهدف إلى منح هذا التكتل مكانة وسط نادي الكبار، الولايات المتحدة والصين وروسيا. وتراهن باريس على برنامج طموح، وكان الرئيس إيمانويل ماكرون قد كشف عن هذا التطلع في خطاب له يوم الجمعة الماضية. ووصفت جريدة لوموند رئاسة فرنسا للاتحاد بالدقيقة نظراً لتحديات كبرى منها الأزمة الأوكرانية الحالية.
واعتادت دول مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا منح أهمية خاصة لدول المغرب العربي، بل وتجد هذه الأخيرة في هذه الدول مخاطباً يهتم بأجندتها ومطالبها عكس تولي دول شمال أوروبا أو المانيا الرئاسة الدورية حيث تمنح الأسبقية لدول شرق أوروبا أو دول أسيوية وإفريقية.
وتسجل رئاسة فرنسا للاتحاد الأوروبي هذه المرة مفارقة حقيقية، إذ لأول مرة تتزامن رئاستها والتوتر الكبير مع مستعمراتها السابقة في شمال إفريقيا. فمن جهة، لم تعرب باريس عن حماس في المشاريع مع دول المغرب العربي رغم إقرار الاتحاد الأوروبي مشروع “البوابة العالمية” لنشر نفوذه في العالم وخاصة المناطق القريبة منه، ومن جهة أخرى، لا تبدي عواصم الرباط وتونس والجزائر اهتماماً كبيراً بالتقرب لفرنسا في الوقت الراهن.
وعملياً، هذه أول مرة لا يقوم وزراء فرنسيون بزيارة شمال إفريقيا لبحث برامج التعاون بين الاتحاد الأوروبي وهذه الدول بمناسبة رئاسة فرنسا للاتحاد، علماً أن باريس كانت تستقبل بشكل تدريجي وزراء من مختلف القطاعات ويقوم مسؤولون فرنسيون بزيارة شمال إفريقيا.
وتتزامن رئاسة فرنسا للاتحاد الأوروبي مع توتر مع دول المنطقة. إذ انفجرت أزمة كبيرة بين باريس والجزائر نتيجة تصريحات الرئيس ماكرون الذي نفى وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسية في بداية الثلاثينيات من القرن التاسع عشر. وبالكاد، تحتوي باريس هذه الأزمة بعدما أرسلت منذ أسابيع قليلة وزير خارجيتها جان لودريان إلى هذا البلد لتقديم اعتذار وتوضيح الغموض الذي رافق تصريحات ماكرون.
وتتحفظ باريس على ما يجري في تونس، ولهذا تمر العلاقات بجمود، في حين تمر العلاقات مع الحليف المغاربي، المغرب، بفترة توتر بارز من علاماته عدم وجود زيارات متبادلة بين البلدين على مستوى الوزراء. ويعود التوتر المغربي-الفرنسي إلى اتهام باريس تلميحاً بتجسس الرباط بواسطة بيغاسوس على مسؤوليها، ثم انتقاد الرباط لباريس بسبب عدم القيام بمبادرة وسط الاتحاد الأوروبي لدعم موقف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بعدما اعترف بسيادة المغرب على الصحراء.
بينما تبقى علاقات باريس مع موريتانيا عادية للغاية ومتوترة مع ليبيا بسبب موقف غالبية الليبيين من سياسة فرنسا المؤدية لخليفة حفتر.
في الوقت ذاته، تتزامن رئاسة فرنسا للاتحاد الأوروبي مع ارتكاب باريس لخطأ فادح، وفق مصادر دبلوماسية فرنسية، وهو القرار المتخذ منذ شهور لأسباب انتخابية بالتقليل من عدد التأشيرات لكل من تونس والجزائر والرباط بمبرر عدم تعاون هذه العواصم في محاربة الهجرة السرية. وهذا القرار ينعكس الآن سلباً على فرنسا في رئاستها للاتحاد الأوروبي. كما تتزامن رئاسة فرنسا في وقت يبحث فيه المغرب عن شركاء جدد بدل الارتهان إلى الاتحاد الأوروبي، كما أعرب عن ذلك وزير الخارجية ناصر بوريطة الشهر الماضي، ثم قرار الجزائر مراجعة اتفاقية التبادل التجاري مع الأوروبيين بسبب الخسائر التي تتعرض لها.

Sign In

Reset Your Password