الناشطة السياسية والحقوقية أميناتو حيدر أينما حلت تتابعها الصحافة
ألف بوست/تحليل –
شاركت الناشطة السياسية والحقوقية أميناتو حيدر في أشغال قمة الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا التي صادفت الذكرى الخمسين لتأسيس هذا الاتحاد كضيفة شرف رفقة شخصيات أخرى. وتأتي مشاركتها ضمن سلسلة من الدعوات التي تتوصل بها على المستوى الدولي مانحة بهذا نفسا وشهرة لم يكن ينتظرها البوليساريو نهائيا. ويبقى التساؤل، من صنع هذه الهالة الدولية لأميناتو حيدر؟ أو بعبارة أخرى، كيف ساهم النظام المغربي في صناعة أمينانو حيدر بقراره سنة 2009 منعها من الدخول الى العيون.
منذ نهاية 2009، شهد نزاع الصحراء المغربية قفزة سياسية ودبلوماسية نوعية لا تصب في صالح المغرب، ولا يعود هذا فقط الى نشاط أعضاء البوليساريو الذين أدركوا جيدا أنه أمام استحالة العودة الى السلاح لا يوجد أمامهم سوى التحرك الدبلوماسي، واستفادوا كثيرا من تراخي المغرب لفقدانه الرؤية الاستراتيجية بل يعود الفضل الأكبر الى الناشطة أميناتو حيدر منذ سنة 2009.
هذه الناشطة الموالية لتقرير المصير، أعلنت مواقفها السياسية المؤيدة لتقرير المصير منذ زمن بعيد، وجربت الاعتقال في ظروف غير إنسانية بدون محاكمة ما بين سنة 1986 و1991. وكباقي المعتقلين استفادت من التعويض، لكن هذا لم يدفعها الى التنازل عن مواقفها. ورغم نشاطها الحقوقي والسياسي في الخارج قبل 2009 لم تكن معروفة لدى الرأي العام المغربي والدولي، وبالكاد جاء ذكرها في الصحافة المغربية. ولم تستأثر اهتمام الرأي العام الوطني والدولي حتى عندما شن نواب أوروبيون حملة للإفراج عنها عندما اعتقلت سنة 2005 وجرى الافراج عنها شهورا بعد ذلك. كما أن خبر فوزها بجائزة روبر كيندي سنة 2008 لم يجد له صدى في وسائل الاعلام الدولية.
لكن فجأة، أصبحت من ضمن الشخصيات التي تحدث عنها الإعلام الدولي بكثرة في نهاية سنة 2009 ويستمر في الوقت الراهن بالاهتمام بها حتى الآن، والسبب الطريقة غير الذكية للنظام المغربي في معالجة ملفها. منذ سنوات، وأميناتو حيدر كانت تسافر الى الخارج للدفاع عن المعتقلين الصحراويين والدفاع عن تقرير المصير، وفجأة قرر المغرب في منتصف نوفمبر 2009 منعها من العودة الى المغرب وطردها نهائيا بحجة أنها كتبت الصحراء الغربية في مطبوع الدخول في مطار العيون وقم بترحيلها الى جزر الكناري.
ودخلت أميناتو حيدر في إضراب عن الطعام في مطار لانساروثي في جزر الكناري، وألقت عليها الصحافة الدولية الأضواء ومعها اهتمت بشكل كبير بالنزاع الصحراوي بشكل لم يسبق في تاريخ هذا النزاع خلال الأربعين سنة الأخيرة حتى عندما كانت الحرب بين المغرب والبوليساريو بدعم من الجزائر. وتحولت قضية أميناتو حيدر الى نقطة شغلت الرأي العام الدولي، كيف لا، وهي امرأة تخوض إضرابا عن الطعام للعودة الى مدينتها للاجتماع بعائلتها، وفي ملف شائك مثل نزاع الصحراء ثم في وقت اصبحت حقوق الإنسان حاضرة في الأجندة الدولية.
وأصبحت أميناتو حيدر متواجدة في مباحثات وزراء خارجية باريس ومدريد وواشنطن وأجندة الأمين العام للأمم المتحدة في منتصف ديسمبر 2009 علاوة على مختلف برلمانات دول أوروبا والبرلمان الأوروبي والجمعيات الحقوقية مثل العفو الدولية التي تضامنت معها، ومما زادها حضورا شبكات التواصل الاجتماعي.
واضطر المغرب مكرها الى التنازل والسماح بعودتها الى العيون يوم 21 ديسمبر بعد التعرض لضغط قوي من كبريات العواصم. ومنذ ذلك التاريخ، صنع المغرب الرسمي هالة لها تجعل منها الآن سفيرة للبوليساريو فوق العادة تتجول في مختلف أنحاء العالم وتتلقى دعوات للحضور في برلمات أوروبية محافل دولية، هالة دولية تجعل المغرب الرسمي لا يجرؤ على اتخاذ أي قرار ضدها الآن لأنه يدرك الانعكاسات السلبية لأي قرار.
ويعترف مراقبون أوروبيون وقادة البوليساريو أن نزاع الصحراء ماكان سيشهد هذه الدرجة من الحضور الدولي سياسيا وإعلاميا الذي عليه الآن لولا قرار مسوؤل مغربي ما بطرد أميناتو حيدر من مطار العيون في منتصف نوفمبر 2009. وفي تجمع لصحراويين واسبان في غرناطة علىى هامش القمة الأوروبية-المغربية في مارس 2010، قال أحد مسؤولي البوليساريو “المسؤول المغربي الذي اتخذ قرار طرد أميناتو يستحق تمثالا لما قدمه من خدمة للتعريف بالقضية الصحراوية دوليا”. وبدورهم، يعترف بعض المسؤولين المغاربة همسا بأن قرار منع أميناتو كان كارثيا على ملف الصحراء إذ “تراجع إشعاع الحكم الذاتي لصالح حقوق الإنسان”.
هذه الأيام، جرى تكريم أميناتو حيدر في قمة الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا وهي واحدة من دعوات التكريم التي تتوصل بها، وهناك مساعي قوية لمنحها جائزة نوبل للسلام في ظرف السنتين المقبلتين إن لم يكن خلال السنة المقبلة. وإذا حدث، ستكون أميناتو حيدر غير منصفة إذا لم تهدي الجائزة الى المسؤول المغربي الذي قرر طردها من مطار العيون في نوفمبر 2009 لمساهمته بشكل كبير في شهرتها وهالتها الدولية. ويبقى الإشكال، إذا فازت بجائزة أميناتو نوبل للسلام، ماذا سيقول المغاربة للمسؤول المغربي الذي كان وراء طردها؟