تبدأ اليوم الخميس في البرازيل منافسات كأس العالم، وتأتي في ظروف استثنائية لم تسجل من قبل من أبرز عناوينها الفساد القوي وسط مؤسسة الفيفا وتقديم البرازيليين صورة مختلفة عن هوسهم بكرة القدم، حيث ينزلون الى الشوارع للتنديد باستثمارات ضخمة لا يستفيد منها الشعب.
وعندما فازت البرازيل بتنظيم كأس العالم، هلل عشاق الكرة والشركات التي ترعى هذه اللعبة الأكثر شعبية في العالم ظروف رائعة تجمع بين ارتفاع لم يسبق له لهذه اللعبة وسط شعوب العالم واحتضانها في البلد الذي ينتج نجوم الكرة مثلما تنتج هوليوود نجوم السينما.
لكن الحفل المرتقب بدأ يتحول الى مناسبة لتقديم الحساب. وتجد مؤسسة الفيفا ورئيسها جوزيف بلاتير نفسه في موقف حرج للغاية، حيث تنهال عليه الاتهامات من كل جانب بالفساد، وكانت أبرزها وآخرها أسطورة كرة القدم دييغو مارادونا الذي صوته مطالبا بالتحقيق في الرشاوي التي دفعتها قطر لتنظيم كأس العالم في دولة لا يتجاوز عدد سكانها مدينة مثل طنجة أو الرباط.
وانضافت أصوات الشركات المحتضنة للفيفا تطالب بهذه التحقيق بعدما هيمن السياسي على الرياضي، وهيمن الفساد على حرية الاختيار. ويمتد هذا الفساد المفترض الى المغرب بعدما نشرت صحيفة صانداي تايمز أخبارا حول تلقي ممثل المغرب في الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم رشاوي للتصويت على قطر.
ولا يكتمل عرس كأس العالم، إذ تبقى أكبر مفاجأة حتى الآن هو موقف البرازيليين، فالشعب المهوس بكرة القدم، أثبت هذه المرة أن كرة القدم ليست أولوية أمام مكافحة الفساد الذي هيمن في بناء الملاعب، وأثبت أن حاجيات البلاد من صحة وتعليم ومكافحة الفقر أهم من احتضان كأس العالم.
وتشهد البرازيل منذ شهور تظاهرات ذات مطالب اجتماعية وسياسية ترمي الى تقديم صورة مختلفة عن البرازيليين وعلاقتهم بكرة القدم. ويكتب نشطاء حقوق الإنسان في شبكات التواصل الاجتماعي “نحن شعب مثل الباقي، نحب كرة القدم لكن ليس الى مستوى الأفيون، الصحة والتعليم أولا”.
ويقول اللاعب البرازيلي المخضرم روماريو “كأس العالم في البرازيل هو أكبر سرقة في تاريخ البلاد، باسم كأس العالم جرى منح صفقات خيالية، هذا غير مشرف”.
وجاء في استطلاع للرأي أنجزته مؤسسة داتفولها أن 55% من البرازيليين يرفضون كأس العالم بسبب المصاريف العالية التي وصلت الى 20 مليار دولار على حساب الصحة والتعليم.
وتؤكد الصحافة البرازيلية خاصة التقدمية منها “كأس العالم في البرازيل يعتبر منعطفا في تاريخ هذه اللعبة، سوف لن تعد أفيون الشعوب، بل لعبة للترفيه ولكن ليس على حساب الصحة والتعليم، البرازيليون عبروا عن ذلك بقوة، وينقلون العدوى لباقي شعوب العالم”.