تنوي اسبانيا المساهمة في عمليات ترحيل المهاجرين الأفارقة المتواجدين في المغرب الى بلدانهم جنوب الصحراء الكبرى، وهذه المبادرة شبيهة نوعا ما بمبادرة كانت قد جرت بين الاتحاد الأوروبي والمغرب سنة 2006. ويأتي مقترح اسبانيا بعد عمليات اقتحام الأسوار في مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، بينما لم يقدم المغرب اي مقترح حول ما يعانيه مهاجرون في اسبانيا من تعسف في تجديد بطاقة الإقامة والعمل.
وعالج اللقاء البرلماني المغربي-الإسباني في الكونغرس الإسباني أول أمس الاثنين قضايا متعددة لتعزيز العلاقات الثنائية وتجاوز الخلافات، وهو اللقاء الذي تجنب القضايا الشائكة مثل سبتة ومليلية والصحراء وركز على التعاون في ملفات مثل الهجرة السرية.
أجندة اسبانيا
في هذا الصدد، تقدم وزير الداخلية الإسباني خورخي فيرنانديث دياث بمقترح يتجلى في استعداد اسبانيا المساهمة في تمويل عمليات ترحيل المهاجرين الأفارقة المتواجدين في الأراضي المغربية ويرغبون في العودة الى أوطانهم. واعتبر الوزير أن المغرب يشهد هجرة من عدد من الدول مثل الدول الإفريقية وكذلك دولة سوريا بسبب النزاع بل وبعض الأفارقة يستقرون في المغرب بسبب نموه الاقتصادي.
وكشف أن ضغط الهجرة قد ارتفع على مدينتي سبتة ومليلية بسبب تواجد الكثير من المهاجرين الأفارقة الراغبين في الانتقال الى المدينتين، وكشف أن حوالي ثلاثة آلاف مهاجر إفريقي حاولوا التسلل الى مليلية ما بين يناير الماضي وحتى منتصف سبتمبر الجاري بينما كان العدد 1600 خلال المدة نفسها من السنة الماضية. ويؤكد على أن العنف قد ارتفع خلال عمليات الاقتحام.
ويبرز الوزير أن اسبانيا ستقدم للمغرب مقترحا لإيجاد حل لوضع الهجرة يتجلى في التنسيق مع منظمة الهجرة الدولية حول تمويل عودة المهاجرين الراغبين الى بلادهم ومساعدتهم على إيجاد مناصب شغل. ولم يقدم الوزير أي توضيحات دقيقة بشأن هذا المقترح والميزانية التي سيتطلبها وكيفية إيجاد مناصب شغل لمهاجرين هربوا من بلدانهم بسبب غياب مناصب الشغل أساسا.
ويبدو أن اسبانيا استوعبت هذا المقترح من مبادرة سابقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي سنة 2006 تقضي بتمويل عودة المهاجرين ومساعدة الدول اإفريقية بميزانية ميالية محددة لإدماج هؤاء المهاجرين في سوق العمل في دولهم. واحتضنت الرباط خلال يونيو 2006 قمة أوروبية-إفريقية عالجت هذا المقترح الذي لم يعطي نتائج إيجابية.
ويأتي المقترح الإسباني بسبب تعرض مدينتي سبتة ومليلية لضغط الهجرة الإفريقية وعودة قوارب الهجرة الى مضيق جبل طارق، حيث حاول قرابة 600 مهاجر خلال الشهر الجاري اقتحام أسوار مدينة مليلية التي تفصلها عن المغرب ونجح قرابة 300 في ذلك، بينما استطاع أكثر من مائة التسلل الى مدينة سبتة.
غياب أجندة مغربية
وفي الوقت الذي تقدمت فيه اسبانيا بمقترح يخدم أجندتها في الهجرة، لم يقدم المغرب مقترح يخدم مصالحه ومصالح الجالية المغربية مباشرة. وتعاني الجالية المغربية من الإجراءات الإدارية لحكومة مدريد بشأن تجديد بطاقة الإقامة والعمل. وفرضت الحكومة الإسبانية إجراءات جديدة بسبب الأزمة الهدف منها هو التقليل من المهاجرين، حيث ارتفعت عمليات الطرد بشكل مقلق نحو المغرب.
وهذه المفارقة تكشف بشكل كبير مدى وعي اسبانيا بمصالحها بينما لا يتوفر المغرب على أجندة نهائيا.