رغب حكومة مدريد تقديم المساعدة الى فرنسا في مواجهة تنظيم داعش، لكن قرب الانتخابات التشريعية التي ستشهدها البلاد وضبابية الفوز بالنسبة للحزب الحاكم ومعارضة جزء كبير من الرأي العام يجعل مهمة دعم مدريد لباريس حاليا صعبة للغاية ويتم تأجيلها.
وتحاول فرنسا، ومنذ التفجيرات الإرهابية التي تعرض لها يوم 13 نوفمبر الماضي، تشكيل ائتلاف دولي لمواجهة داعش عبر القصف الجوي واحتمال تدخل عسكري بري. وتواجه كالعادة، انقساما واضحا في صفوف دول الاتحاد الأوروبي رغم خطورة الإرهاب على القارة، وهو انقسام من تقاليد أوروبا في السياسة الخارجية وليس بالجديد.
وعلاقة بإسبانيا، فالحواجز مضاعفة أمام الدعم المنتظر، فعلاوة على غياب صوت أوروبي موحد، لا ترغب حكومة اسبانيا الحالية بزعامة ماريانو راخوي اتخاذ أي قرار في الوقت الراهن وقد بقي فقط أقل من ثلاثة أسابيع على الانتخابات التشريعية التي ستجري يوم 20 ديسمبر الجاري.
وتدرك حكومة الحزب الشعبي بزعامة ماريانو راخوي رفض جزء كبير من الرأي العام الإسباني للمشاركة في الحرب في سوريا والمناداة ببديل للحرب مثل قطع التمويل عن داعش وملاحقة من يشترون البترول من هذا التنظيم.
وعمليا، شهدت 25 مدينة في اسبانيا تظاهرات يوم السبت الماضي وكانت أكبرها في العاصمة مدريد بمشاركة الآلاف بمعارضة أي تورط في حروب الشرق الأوسط. ومن ضمن الأحزاب التي تزعمت هذه المسيرات الحزب اليساري الجديد “بوديموس”. وينادي هذا الحزب بوقف التدخل العسكري والرهان على ىليات مختلفة لمحاربة الإرهاب، ويركز في المقام الأول على الاعتناء بالمهاجرين.
وتدرك الحكومة الحالية ضرورة التضامن مع نظيرتها الفرنسية بعد الاعتداءات التي تعرضت لها باريس وخلفت مقتل 130 شخصا، ولكن الحزب الحاكم يتخوف من انعكاس أي قرار على حظوظه في الانتخابات التشريعية خاصة وأن أربعة أحزاب تمتلك الحظوظ بالفو وهي الحزب الشعبي والحزب الاشتراكي وحزب اسيودادانوس وأخيرا بوديموس. وكشفت استطلاعات الرأي التي نشرتها عدد من وسائل الاعلام ومنها جريدة الباييس صعوبة فوز الحاكم في ظل فارق النقط الذي لا يتعدى ثلاث نقط بين ثلاثة أحزاب.
وكانت مدريد قد فكرت في تعويض فرنسا في مالي أو على الأقل تعويض الجزء الأكبر من جنودها حتى تتمكن القوات الفرنسية من التركيز على محاربة داعش، لكنه لاحقا لم يتم اتخاذ أي قرار في انتظار نتائج الانتخابات التشريعية المقبلة يوم 20 ديسمبر الجاري.