بعد مرور يوم واحد على التحذير الذي وجهته الدولة المغربية الى المحتجين في مدينة جرادة بمنع التظاهرات، تحولت المدينة يومه الأربعاء 14 مارس 2018 الى مسرح للمواجهات وتجاوز عدد الجرحى 400 رغم أن الحصيلة الرسمية هي 228. وتأتي هذه الأحداث لتبرز مدى تهديد الملف الاجتماعي للاستقرار بسبب غياب المعالجة الذكية.
وكانت الدولة المغربية قد وجهت بيانا تحذيريا وشديد اللهجة ضد المعتصمين في مدينة جرادة الثلاثاء من الأسبوع الجاري، وهددت بتفعيل القانون ضد التظاهرات تحت مبرر أنها تعوق سير الحياة العادية. واشتعلت المواجهات في أعقاب محاولة قوات الأمن تفريق تظاهرة دعا إليها المحتجون الذين ينتقدون الدولة بسبب فشلها في تقديم نموذج تنموي حقيقي لمنطقة محرومة من التنمية.
وتبرز أشرطة الفيديو التي جرى بثها في شبكات التواصل الاجتماعي مثل الفايسبوك ويوتوب عنف المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن، وكانت الحصيلة الرسمية هي 228 من الجرحى، ويقول بيان رسمي أن أغلبهم من قوات الأمن، بينما يتحدث نشطاء المجتمع المدني عن مئات الجرحى لم يستطيعوا الوصول الى مستشفى المدينة خوفا من الاعتقال.
ويتهم البيان الرسمي قيان ملثمين بمواجهة قوات الأمن في إشارة الى احتمال وجود مؤامرة لضرب استقرار البلاد، في حين تبرز الأشرطة مواجهات بين قوات الأمن وشباب عاديين من المحتجين. وتقول مصادر الدولة المغربية بقيام المتظاهرين بإحراق خمسة من سيارات الأمن، وجرى اعتقال تسعة سيحالون على القضاء.
وتعيش المدينة احتقانا خطيرا بسبب فشل الحوار بين الدولة وساكنة المدينة التي تطالب بأجندة اجتماعية حقيقية تنتشل شباب المنطقة من التهميش والضياع. وكانت تظاهرات واعتصامات جرادة سلمية للغاية طيلة الثلاثة أشهر الأخيرة، ولكن بعد بيان الدولة المغربية، اندلعت المواجهات. وتوجد قوات أمنية كثيفة في المنطقة، كما أن طرق شرق المغرب تعرف نقط تفتيش شبيهة بتلك التي كانت ومازالت في الريف.
وتعيد انتفاضة جرادة مشاهد التظاهرات العنيفة التي عاشها المغرب في سنوات مل 1981 و1984 و1990، حيث العنف المتبادل بسبب غياب الحوار وفشل الدولة في إقناع المحتجين. كما تعيد استعمال وتطبيق الدولة المغربية للوصفة التي عالجت بها الحراك الشعبي في الريف.