ارنفعت وثيرة قوارب الهجرة من مختلف نقط المغرب الى اسبانياـ، وهي ظاهرة تبدو عادية بحكم تكرارها خلال الثلاثة عقود الأخيرة، لكن الجديد هذه المرة هو قيام بعض الشباب بنقل مباشر لعملية الهجرة وترديد شعارات ذات طابع سياسي واجتماعي حاد للغاية تنتقد الأوضاع الاجتماعية والسياسية في البلاد.
ومنذ منتصف الصيف، ارتفع عدد قوارب الهجرة التي تنطلق من المغرب الى سواحل الأندلس جنوب اسبانيا، وتنطلق من مجموع شمال المغرب وكانت المفاجأة هو انطلاقها من مناطق بعيدة، حيث قامت وحدات إنقاذ عسكرية بحرية مغربية الأسبوع الماضي بإنقاذ قارب انطلق من مياه مدينة الدار البيضاء. ويحدث هذا لأول مرة في تاريخ الهجرة المغربية، لأن المسافة التي سيعبرها القارب طويلة وتقارب 400 كلم للوصول الى البر الإسباني أو البرتغالي، والطريق البحري يكون عبر مياه المحيط الأطلسي صعبا للغاية بسبب الأمواج والتيارات البحرية. وكانت القوارب التي تنطلق من المحيط الأطلسي لا تتعدى منطقة العرائس البعيدة بحوالي 80 كل بحرا عن مضيق جبل طارق.
وتخلف الهجرة غرقى ولهذا تسمى بقوارب الموت، لكن هذا الصيف سجلت ظاهرة جديدة ومثيرة للغاية، وهي ارتفاع أشرطة الفيديو التي توثق لعمليات الهجرة، وبلغ الأمر بإعلان الدولة المغربية فتح تحقيق أمني في كيفية تصوير هذه الأشرطة.
ومن خلال اطلاع جريدة القدس العربي على عدد من الأشرطة حول الهجرة، فهي تتوزع على الشكل التالي: هناك أشرطة لمهاجرين مغاربة في قوارب تائهين في عرض البحر قام بتصويرهم مهاجرون مقيمون في أوروبا كانوا على متن سفن النقل البحري عائدين الى مقرات عملهم وسكناهم، ومن ضمن ما جرى تصويرهم مشاهد مؤثرة لشباب انقلب بهم القارب ويطلبون النجدة ومشاهد أخرى لجثث طافية فوق الماء.
ومن جهة أخرى، توجد أشرطة لمهاجرين مغاربة قاموا بتصويرها بأنفسهم وهم يرددون شعارات ضد الفساد في البلاد الذي دفعهم الى الهجرة ويطالبون الجميع بالهجرة وترك البلاد للفاسدين، ومن ضمن هؤلاء نسبة هامة شباب منطقة الريف التي شهدت حراكا شعبيا خلال السنتين الأخيرتين، كما شهدت اعتقالات وملاحقات قضائية زجت بمئات الشباب في السجون.
ويبقى المثير في كل هذه الأشرطة هو قيام مهاجرين بنقل مباشر “لايف” غير الفايسبوك لعملية الهجرة، حيث يحكون عن الأخطار التي يتعرضون لها ومشاكلهم وما ينتظرونه من أوروبا من مستقبل بين الأمل والتشكيك. في الوقت ذاته، هناك شريط أظهر قاربا في منطقة طنجة شمال البلاد وهو يبحث عن المهاجرين في الشاطئ لنقلهم الى البر الإسباني، ويحدث هذا لأول مرة في تاريخ الهجرة.
وتبدي السلطات الإسبانية قلقا كبيرا من هذه الظاهرة، وترى أن المهاجرين كانوا في الماضي يحاولون الهجرة سرا، لكن الآن يهاجرون علانية ويشجعون آخرون مما يعني مزيدا من قوارب الهجرة هذا الموسم.