تختلف رؤية دول أمريكا اللاتينية الى فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، بين ترحيب من طرف دول مثل الأرجنتين والمكسيك وترحيب بنوع من التحفظ من طرف كوبا وبوليفيا وفنزويلا وقلق في دول مثل التشيلي وكولومبيا والبرازيل.
وتعد المكسيك من الدول التي رحبت بهذا الفوز وإن كان رئيسها لوبيث أوبرادوم لم يهنئ بعد دو بادين، ولكن الصحافة المحلية شعور الارتياح بحكم أن الرئيس الجمهوري دونالد ترامب جعل من الجالية المكسيكية المشجب الذي علق عليه الكثير من مشاكل الولايات المتحدة الى مستوى ممارسة خطاب عنصري مقيت. وكان الرئيس لوبيث أوبرادور قد تبنى بعد وصوله الى الرئاسة سنة 2018 خطابا صارما مع ترامب بضرورة وقف توظيف المكسيك كلعبة سياسية انتخابية. وكر فعل منه، بدأ بالرفع من العلاقات مع روسيا والصين، الأمر الذي أشار قلق مختلف الهيئات في واشنطن الذين ضغطوا لكي يوقف ترامب تهجماته على الجار الجنوبي.
وكان ترامب قد أنهى ما كان يعتبره “سياسة المهادنة” من طرف باراك أوباما مع الأنظمة الاشتراكية، وفرض عقوبات قاسية ضد كوبا وضد فنزويلا، وتعرب هافانا وكاراكاس عن ارتياحهما للتغيير الحاصل في البيت الأبيض. ولا تنتظران كثيرا ولكن تدركان أن الضغط سيتراجع. وكان خوان غونثالث الذي عمل في إدارة باراك أوباما الى جانب بايدن قد صرح مؤخرا أن العقوبات أظهرت محدوديتها في تغيير الأوضاع، ولهذا يجب الرهان على الحوار والضغط لجمع المعارضة والأنظمة الحاكمة من أجل إقرار الديمقراطية. وتكتب الصحافة الفنزويلية هل سيستمر بايدن في دعم خوان غوايدو الذي أعلن نفسه رئيسا لفنزويلا بدعم من ترامب أم لا.
ويأتي وصول بايدن الى الحكم في ظل استعادة اليسار لقوته بعد وصول يساريين الى الحكم في المكسيك والأرجنتين ومؤخرا بوليفيا، وهذا التغيير سواء في نوعية الأحزاب أو البيت الأبيض يقلق أنظمة يمينية راديكالية وشعبوية مثل الرئيس بولسونارو في البرازيل.
وسيكون للجناح اليساري في الحزب الديمقراطي دورا هاما في صياغة العلاقات مع دول أمريكا اللاتينية، حيث سيضغط من أجل الحوار بهدفين، الأول وهو إضعاف الأنظمة الشعبوية على شاكلة دونالد ترامب ولاسيما في البرازيل وكولومبيا، ثم جعل يسار أمريكا اللاتينية لا يغامر كثيرا في الاقتراب من روسيا والصين. وتتراوح واشنطن بين رؤيتين تجاه ما يسمى حديقتها الخلفية، الأولى وهي الصرامة والضغط والعقوبات التي تطبقها الإدارة الجمهورية، ثم الحوار والليونة التي تهيمن على الحزب الديمقراطي. وتمتد الرؤيتين الى مختلف الهيئات مثل الدبلوماسية والاستخبارات والجيش.
ويعتبر ترحيب اليسار بل أنظمة يسارية بنجاح بايدن وطرد الناخب الأمريكي لترامب سابقة في تاريخ الثقافة السياسية لليسار في هذه المنطقة من العالم التي عانت كثيرا من التدخل العسكري الأمريكي لدعم أنظمة يمينية أو قلب أنظمة يسارية.