يعيش الإسبان اليوم السبت يوما استثنائيا بسبب مثول الأميرة كريستينا ابنة الملك خوان كارلوس أمام قاضي التحقيق في محكمة مايوركا في جزر الباليار الواقعة شرق البلاد في المتوسط، إذ لأول مرة يمثل عضو من عائلة ملكية ومن أمراء الصف الأول في أوروبا أمام القضاء. وقد وصلت الأميرة الى المحكمة وبدأ القاضي في استنطاقها.
ويتابع الإسبان أمام شاشات التلفزيون، لكن هذه المرة لا يتعلق الأمر بمباراة بين ريال مدريد وبرشلونة أو لعب المنتخب الإسباني نهاية كأس العالم أو أوروبا بل بمثول الأميرة كريستينا أمام القضاء للخضوع للإستنطاق بسبب تورطها رفقة زوجها إنياكي أوندنغرين في اختلاسات مالية عمومية عبر قناة معهد يحمل يافطة المجتمع المدني.
واعتبرت جريدة الموندو في مقال لها أن المؤسسة الملكية تمر بأصعب فترة من فتراتها، إذ لم يكن أحد يعتقد في شجاعة القضاء للتحقيق مع الأميرة بتهمة الاختلاس. وكتبت جريدة الباييس أن الاستنطاق يعتبر حدث استثنائي لمستقبل الملكية.
ولا يتعلق الأمر بشجاعة جهاز القضاء برمته بل يقتصر الأمر على قاضي التحقيق خوسي كاسترو الذي بدأ التحقيق في ملف اختلاس مالي كانت جريدة الموندو سباقة لنشر بعض المعلومات عنه منذ ثلاث سنوات، وليقود التحقيق الى اتهام الأميرة وخضوعها اليوم للإستنطاق. ووجد القاضي عراقيل في هذا الملف بعدما انتصبت النيابة العامة ضد قراره مرات عديدة ولكنها اضطرت تحت إلحاح القاضي وضغط الشارع العالم الى قبول الاستنطاق خاصة عندما أكد الملك خوان كارلوس “الجميع سواسية أمام القانون”.
واعترفت المؤسسة الملكية هذا الأسبوع بالضرر الذي يلحقه استنطاق الأميرة بصورة الملكية في أعين الرأي العام. ولم تتردد في بيان بمطالبة إنهاء التحقيق في أقرب وقت لأنه تحول الى ما يشبه “السياط” ضد القصر الملكي. وكشفت وسائل الاعلام المحلية عن استطلاع للرأي أجرته المؤسسة الملكية بتكليفها معهد لدراسة الرأي، حيث وقفت على تراجع صورتها لدى الإسبان بشكل مقلق.
وعلى شاكلة المؤتمرات الكبرى التي تحتضنها اسبانيا، فقد منحت محكمة مايوركا الاعتماد ل 300 صحفي بين وطني وأجنبي ولم تستطع تلبية باقي الطلبات، بينما تنافست قنوات التلفزيون في تأدية مبالغ مالية كبيرة من أجل الفوز بشرفات المنازل التي تطلب على المحكمة حيث يمكنهم تصوير الأميرة وهي تدخل المحكمة للاستنطاق وكذلك وهي تغادرها.
ويؤّمن المحكمة والشوارع المحيطة بها أكثر من 300 من أفراد الأمن خوفا من تظاهرات بعدما أعلن معارضو الملكية النزول الى المدينة للاحتجاج والمطالبة بإلغاء النظام الملكي في بلد يرتفع فيه أنصار الجمهورية بشكل مستمر.
ويبقى المثير أن الإسبان اكتشفوا فجأة أن الملك وحده يتمتع بالحصانة وتتحمل الحكومة مسؤولية قراراته، بنيما جميع الأمراء يمكنهم الخضوع للمحاكمة بما في ذلك ولي العهد الأمير فيلبي.
ويعتبر هذا اليوم استثنائيا في حياة الإسبان ومنعطفا في حياة المؤسسة الملكية لأنه قد يكون بداية النهاية في بلد مواطنوه يؤمنون بالجمهورية بينما نظامه ملكي.