في تلويح بوصفة الريف، الدولة تتوعد بمواجهة الانتفاضة المدنية في جرادة

أعلنت الدولة المغربية منع التظاهرات التي تعتبرها منافية للقانون في مدينة جرادة، وهذا القرار يوحي بنقل وصفة معالجة أحداث حراك الريف الى هذه المدينة بعدما فشل الحوار بسبب غياب إجراءات مقنعة للساكنة.

وتعيش مدينة جرادة منذ قرابة منذ شهور ما يشبه انتفاضة مدنية ضد التهميش في أعقاب وفاة شقيقين في مناجم الفحم في المنطقة علاوة على غلاء الحياة المعيشية وخاصة فاتورات الماء والكهرباء وغياب آفاق المستقبل.

وتعددت الأشكال النضالية التي تخوضها الساكنة وإن كان الميزة الرئيسية هو انخراط مجموع المدينة في الاحتجاج، الشباب والشيوخ والنساء والأطفال، وهو ما يؤكد مدى التفاف ساكنة جرادة حول الملف المطلبي الاجتماعي.

وما يجري في مدينة جرادة هو نسخة تقريبا لما شهدته منطقة الريف وأساسا مدينة الحسيمة، وتجنبت الدولة المغربية عمليات الاعتقال في البدء وأعطت الغلبة للحوار. لكن الدولة المغربية لم تقدم برنامجا تنمويا لجرادة  ولم تقدم خطة عمل واضحة لتنمية المدينة، ومن الصعب على الدولة القيام بهذا في وقت تعترف بفشل النموذج التنموي.

وأمام استمرار التظاهرات وعجز الدولة عن طرح برنامج تنموي، لجأت الأخيرة الى التلويح بمنع التظاهرات تحت يافطة تطبيق القانون ضد احتلال الطريق العام. ووجهت اصابع الاتهام الى ما سمتها “فئات” لا تعترف بالتقدم الحاصل وتحرض الساكنة على التظاهر الاحتجاج مما “يربك الحياة العادية في المنطقة”.

وقد يكون بيان الدولة المغربية مقدمة لحملة اعتقالات واستعمال العنف في فض التظاهرات، وبالتالي تطبيق وصف الريف على مدينة جرادة، واحتواء مثل هذه الانتفاضات المدنية التي تعتبر تعبيرا عن تدهور الأوضاع المعيشية بشكل مفجع.

وتعتقد الدولة في وجود هيئات تنشط سياسيا وسط المجتمع المدني في المغرب ترغب في استغلال التظاهرات للتآمر ضد استقرار البلاد، وتفيد بياناتها بذلك كما أن وسائل إعلام مقربة منها تتحدث بالمكشوف عن هذا المخطط، في حين ينفي المتظاهرون هذه المزاعم، ويطالب الكثيرون منهم لماذا لا تتعاطى الدولة مع قضايا الفساد بالحزم نفسه كما تتعاطى مع التظاهرات المدنية المنددة بالتهميش والفساد.

Sign In

Reset Your Password