تحل اليوم الذكرى العاشرة للتفجيرات الإرهابية التي تعرضت لها العاصمة مدريد يوم 11 مارس من سنة 2004 وخلفت مقتل 192 وأكثر من ألف قتيل، ورغم مرور هذه المدة الزمنية، تستمر التساؤلات حول العقل المدبر كما يستمر المجتمع والطبقة السياسية منقسمين حولها. ورغم تورط مغاربة في هذه التفجيرات بل ووصل الأمر الى اتهام جهات مغربية بالتخطيط، إلا أن هذه التفجيرات لم تؤثر على العلاقات الثنائية ولا بشكل كبير على صورة المهاجر المغربي في هذا البلد الأوروبي.
ومع حلول كل ذكرى لهذه التفجيرات، ينتعش مجددا الجدل سياسيا وأمنيا في اسبانياـ وتظهر تقارير جديدة حول خطر الإرهاب الديني الذي يتربص بإسبانيا. ويبدو هذا الأمر عاديا بحكم أن 11 مارس كانت أكبر ضربة إرهابية تعرضت لها أوروبا خلال القرن الواحد والعشرين وثاني أقوى ضربة إرهابية تعرض لها الغرب بعد تفجيرات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة.
استمرار نظرية المؤامرة
وأجرت جريدة الموندو الجمعة الماضية حوارا مطولا مع رئيس المحكمة التي أشرفت على محاكمة المتورطين في تفجيرات 11 مارس، وهو خافيير غوميث بيرموديث. هذا الأخير، اعترف أن التحقيقات الأمنية والقضائية لم تنتهي الى العقل المدبر لهذه التفجيرات، كما أنها لم تتأكد من فرضية اختيار 11 مارس، ثلاثة أيام قبل الانتخابات التشريعية سنة 2004.
وينسب مسؤولية التفجير الى ما يعتبره “الفكر القاعدي” المرتبط بتنظيم القاعدة وليس الى تنظيم القاعدة مباشرة. وهذا هو التصريح الذي أعاد مجددا النقاش حول العقل المدبر لهذه التفجيرات الإرهابية. ويذكر أن تنظيم القاعدة لم يتبنى عمليتين إرهابيتين مباشرة، العملية الأولى وهي اعتداءات الدار البيضاء في المغرب والعملية لاثاني هي في العاصمة مدريد والتي استهدفت القطارات وخلفت مقتل 192 شخصا.
وتنوعت التصريحات والفرضيات حتى وقتنا الراهن بشأن 11 مارس. وبعد مرور عشر سنوات، يوجد فريق يعتقد في تورط منظمة إيتا الباسكية وهي المسؤولة عن معظم التفجيرات الإرهابية التي شهدتها اسبانيا خلال الأربعين سنة الأخيرة. وفريق يتهم منظمة القاعدة بسبب مسؤوليتها عن انتشار الإرهاب الديني في القرن الواحد والعشرين، وفريق يعتقد في نظرية المؤامرة ويتهم أطرافا دولية ومنها المخابرات المغربية والفرنسية للانتقام من اسبانيا، كما يوجد فريق لا يتردد في الاعتقاد في مسؤولية أطراف داخلية لطرد الحزب الشعبي برئاسة خوسي ماريا أثنار وقتها من السلطة. ومن نتائج هذا الاختلاف مطالبة نسبة هامة من الرأي العام بإعادة فتح التحقيق، ويتزعم هذا المطلب بعض ضحايا التفجيرات ووسائل إعلام.
وتخلد اسبانيا اليوم الذكرى العاشرة لهذا الاعتداء الذي لم تشهده من قبل باستثناء في الحروب، ويكتب مدير جريدة الموندو كاسميرو غارسيا أبديو أنه بعد عشر سنوات يوجد انقسام وسط السياسيين والأمنيين والمؤرخين وحتى ضحايا هذا الاعتداء الإرهابي. وتعتبر جريدة الموندو الواسعة التأثير الأكثر تشكيكا في الرواية الرسمية.
وخصصت الجريدة الرقمية ليبرتاد ديخيتال اليوم مقالات متعددة تنتقد فيه الرواية الرسمية وتعتبر المحاكمة بمثابة مسرحية والأمر نفسه مع التحقيق القضائي، وتطالب بإعادة النظر في التحقيق. وتتبنى إذاعة راديو إس الموقف نفسه.
المغرب وتفجيرات 11 مارس
وجد المغرب نفسه في هذه التفجيرات ضحية وفي الوقت ذاته جلادا. فقد توفي بعض المغاربة في هذه التفجيرات في القطارات التي انفجرت في الصباح الباكر من ذلك اليوم الخميس 11 مارس من سنة 2004. ومست الاعتقالات في البدء المغاربة كما أن المتهم الوحيد بوضع التفجيرات حتى الآن الذي يوجد في السجن هو جمال زوغام المحكومة ب 40 ألف سنة. بينما هناك مغاربة آخرين بتهمة الانتماء الى تنظيم إرهابي.
وحاولت جهات سياسية وإعلامية ومنها جريدة الموندو توريط المخابرات المغربية في هذه التفجيرات، بالإدعاء أن المغرب خطط لها للرد على ما يفترض أنه إهانة لحقت به في مشكل جزيرة ثورة سنة 2002. ووصل الأمر في الثلاث سنوات الأولى اللاحقة للتفجيرات الى اعتقاد 36% من الإسبان بهذه النظرية.
ورغم محاولات توريط المغرب إلا أن هذه التفجيرات لم تلقي بظلالها على العلاقات الثنائية ولا على صورة المهاجر المغربي بشكل سلبي مبير بل فقط بشكل طفيف. ولعل السبب الرئيسي هو أن معظم الإسبان اعتبروا التفجيرات الإرهابية عقابا على تورط اسبانيا في حرب العراق، ويحملون المسؤولية المعنوية والسياسية لرئيس الحكومة وقتها خوسي ماريا أثنار.