تنوي الدولة الفرنسية تنظيم الحقل الإسلامي في فرنسا بإدماج كل التيارات والجماعات غير العنيفة مهما كانت توجهاتها وباستقلال تام عن دول مثل المغرب وتركيا وفرنسا، وذلك بهدف بلورة ما يعرف بالإدارة الفرنسية للإسلام أو “الإسلام الفرنسي”.
ويشغل هذا الموضوع بال السلطات الفرنسية منذ مدة طويلة، وتضاعف في أعقاب الاعتداءات الإرهابية التي شهدتها العاصمة باريس ضد أسبوعية شارلي إيبدو ومتجر يهودي-فرنسي ما بين 7 و9 يناير الماضي. وكان وزير الداخلية بيرنار كزنوف قد كشف في حوار مع جريدة لوموند الخميس الماضي الخطوط العريضة للتصور الذي سيطبق مستقبلا في إدارة الشأن الديني في تنظيم الجمعيات وتكوين الأئمة وبناء المساجد.
ويعتمد التصور الجديد ركيزتين، الأولى وهو ضرورة تجاوز المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية الذي أسسه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي سنة 2003 عندما كان وزيرا للداخلية لعدم ضمه مختلف الحساسيات، والثاني هو الاستقلالية التامة عن دول مثل المغرب والجزائر وتركيا.
وكان ساركوزي من الأوائل الذين بادروا بشكل عملي الى تنظيم الإسلام في فرنسا بعد تفجيرات 11 سبتمبر، وأنشأ المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية لتمثيل المسلمين وتنظيم تاريخ الاحتفالات الدينية ووضع المسلمين في الجيش وبناء المساجد ضمن أشياء أخرى. ورغم الرغبة في التنظيم، فقد فشل هذا المجلس مع مرور السنوات لأنه تغلبت عليه النظرة الأمنية الضيفة، حيث عمد ساركوزي الى إقصاء الكثير من الحساسيات الدينية. وأصبح المجلس يمثل إسلاما رسميا بينما أغلبية المسلمين خارج المجلس.
وعليه، سيعمد التصور الجديد الى ضم كل التيارات بما فيها في حالة المغرب الجمعيات المرتبطة بجماعة العدل والإحسان وجمعيات مقربة من النهضة التونسية وأخرى من جبهة الإنقاذ الجزائرية التي جرى إقصاءها أو رفضت المشاركة في المجلس الذي أشرف عليه ساركوزي. كما سيضم المجلس الجديد شخصيات مسلمة مثقفة وليس بالضرورة تشرف على جمعيات إسلامية أو تنتمي الى الأئمة. وكانت جمعيات مقربة من العدل والإحسان قد رفضت الانضمام الى المجلس الحالي. وعمليا يضم المسجد 40% من مساجد فرنسا بينما 60% الأخرى لا.
والركيزة الثانية للتصور هو الرهان على استقلالية تامة عن الدول التي تنتمي إليها كبريات الجالية الإسلامية وأساسا المغرب والجزائر وتركيا التي لها دور كبير في تشكيلة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية. وترمي فرنسا من وراء هذا الى إرساء مفهوم “إسلام فرنسي” سواء من حيث تكوين الأئمة أو التسيير بدون توجيه من وراء الستار.
ونهجت حكومة مدريد هذه الاستراتيجية من خلال إبعاد كل من المغرب والعربية السعودية عن تسيير الشأن الإسلامي في اسبانيا، ويبدو أنه هو التوجه العام في مجموع أوروبا. ولا يعني هذا التوجه وقف التنسيق مع دول مثل المغرب وتركيا والجزائر وتونس بل تأطير دورها في الاستشارة وليس التدخل المباشر.