نجح 140 مهاجرا إفريقيا في اقتحام أسوار مدينة مليلية المحتل، وتخللت الحدث مشاهد مأساوية لم تسجل من قبل. ويأتي هذا الحادث ليبرز فشل كل الإجراءات البوليسية والسياسية التي اتخذتها حكومتا الرباط ومدريد لمواجهة هذه الظاهرة، وإن كان حتى الآن لم تسجل توترا سياسيا.
وحاول 600 مهاجر سري من جنسيات إفريقية مختلفة في الساعات الأولى من صباح أمس الخميس وفي محاولتين مختلفتين اقتحام الأسوار السلكية التي تفصل مليلية عن الأراضي المغربية والممتدة على طول عشر كلم، وإن كانت الهجمات مركزة في مناطق معينة. وتؤكد مندوبية الحكومة الإسبانية في مليلية نجاح 140 من أصل 600 في اقتحام الأسوار. وهذا أكبر رقم مسجل منذ 18 مارس الماضي، عندما دخل قرابة 500 دفعة واحدة، وكان أكبر رقم في تاريخ هذه الظاهرة منذ ظهورها في أواخر التسعينات.
وبقي 250 ضمن الذين لم يستطيعوا التسرب الى المدينة فوق الأسوار السلكية بين مليلية والأراضي المغربية، ووقعت مشاهد مأساوية لمهاجرين بقيت أمامهم سوى ثلاثة أمتار هي الفاصلة بين سورين سلكيين، وبعد ست ساعات من المقاومة وصلت الى شبه مواجهة مع أفراد الأمن استسلموا، فقد حالت القوة الأمنية الكبيرة من الجانب الإسباني والمغرب حالت دون تحقيق الحلم. وقامت قوات الحرس المدني بإعادتهم الى المغرب. ومن شأن الطريقة التي عالجت بها قوات الأمن الإسبانية طرد المهاجرين أن تثير احتجاجات، وقد أثارتها مبدئيا في تعاليق القراء في مواقع الصحف الإسبانية في الإنترنت.
وتأتي عملية الاقتحام الحالية لتؤكد مجددا فشل الإجراءات الأمنية التي جرى اتخاذها مؤخرا، وعلى رأسها حفر المغرب لخندق فاصل مع مليلية متنازلا عن سيادته، ونشر السلطات الإسبانية شفرات حادة في الأسوار السلكية عملت فقط على مزيد من إصابة المهاجرين الأفارقة بجروح قاتلة. ولم ينتج عن الرفع من التنسيق الأمني سوى مزيد من خروقات حقوق الإنسان، وفق جمعيات دولية ووطنية تتابع أحوال المهاجرين الأفارقة في شمال المغرب خاصة فيما يتعلق بعمليات الترحيل نحو المغرب.
ويوجد الآلاف من المهاجرين الأفارقة في الأراضي المغربية بالقرب من مليلية التي تحتلها اسبانيا ينتظرون الفرصة للتسرب الى المدينة بعد تراجع الهجرة السرية على متن القوارب بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة من شمال المغرب نحو شواطئ الأندلس.