تسع الفارق في استطلاعات الرأي بشأن الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستجري الثلاثاء المقبل بين المرشح الديمقراطي جو بايدن المنتظر فوزه والمرشح الجمهوري الرئيس دونالد ترامب. وهذا السيناريو شبيه بما جرى في الانتخابات الرئاسية الفرنسية عندما واجه مرشحون معتدلون آخرين متطرفين من عائلة ماري لوبين عامي 2002 و2017.
استطلاعات رأي حاسمة
ويفيد الموقع الرقمي “ريل كلير بولتيك”، الذي يقدم كل استطلاعات الرأي، بتقدم المرشح الديمقراطي بايدن بما بين ثمان إلى 12 نقطة عن الرئيس الحالي ترامب. ولم تشهد الحملة الانتخابية الخاصة بالرئاسيات الأمريكية خلال العقود الأخيرة فارقا كبيرا في النتائج في استطلاعات رأي الذي يصل إلى عشر نقاط كمعدل بين 8 كحد أدنى و12 كحد أقصى مثلما يحدث في هذه الحالية. ومن الصعب جدا على ترامب قلب الموازين للعوامل التالية وهي:
في المقام الأول، تفصلنا أربعة أيام عن إجراء الانتخابات الرئاسية، الثلاثاء المقبل. وهي غير كافية لكي يقوم ترامب بتعديل الاستطلاعات لصالحه لاسيما وأن الفارق يتفاقم مع مرور الأيام وبلغ ذروته مع الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية.
في المقام الثاني، ضمن المرشح الديمقراطي، وفق آخر المعطيات مساء اليوم، نسبة هامة من أصوات الناخبين الكبار وهي 173 صوتا من أصوات الناخبين الكبار في ولايات كبيرة مثل كاليفورنيا ونيويورك، بينما ضمن ترامب فقط 54 صوتا من أصوات الكبار في ولايات مثل لويزيانا ومسيسبي. وفي الوقت ذاته، هناك أصوات 127 من أصوات الناخبين الكبار في ولايات رئيسية يمتلك فيها بايدن حظوظ الفوز ما بين 70% إلى 90% مثل ولايات أريزونا وبنسيلفانيا، في حين يضمن ترامب أصوات 71 من الناخبين الكبار بنسبة 70% إلى 90% مثل ولايات أنديانا وميزوري. وسيكون الصراع الحقيقي حول الولايات التي لم تحسم موقفها مثل فلوريدا وتكساس وأوهايو ضمن أخرى حيث يبلغ عدد أصوات الناخبين الكبار 123.
تكرار السيناريو الفرنسي
وينسب الكثير من المحللين هذه النتيجة إلى وعي المواطن الأمريكي بالخطر الذي يشكله ترامب على مستقبل البلاد بعدما أحيى النزاعات الإثنية وفشل في مواجهة جائحة كورونا، إذ تحولت الولايات المتحدة إلى أول دولة في العالم في نسبة الوفيات والإصابات. ومن المفارقات الغريبة التي حملتها هذه الانتخابات هو ميل القدماء المحاربين، الذين يشكلون كتلة ناخبة قوية واعتادت التصويت للجمهوريين، الرهان على الحزب الديمقراطي. وتقول جنيفر ميتلسداد المتخصصة في العلاقة بين الجيش والسياسية إنه لأول مرة يحدث أن تقوم نسبة كبيرة من كبار الضباط المتقاعدين بالدعوة إلى التصويت لمرشح ديمقراطي.
وهذا الوعي الذي انتشر في الولايات المتحدة بضرورة طرد ترامب من الرئاسة هو شبيه بالذي حدث في فرنسا مرتين، وذلك عندما نجح اليمين المتطرف “الجبهة الوطنية” للوصول إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية. وحدث في 2002 عندما صوت الشعب الفرنسي بأغلبية فاقت 80% لصالح جاك شيراك لقطع الطريق عن جان ماري لوبين الذي حصل على أقل من 20%. ثم في 2017 عندما صوت بـ67% لصالح إيمانويل ماكرون ضد ماري لوبين التي حصلت على 33%.