تعيش الجزائر اليوم الانتخابات الرئاسية الأصعب في تاريخ البلاد على إيقاع استقطاب حاد بين السلطة ممثلة بمرشحها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، من جهة وخصومها السياسيين في مقدمتهم المرشح الرئاسي المستقل بن فليس من جهة ثانية، إضافة إلى القوى المطالبة بالمقاطعة التي نزلت عشية الاستحقاق إلى الشارع بقوة لثني الجزائرين عن المشاركة. ونشرت السلطات الجزائرية تعزيزات أمنية قوية ووضعت حواجز بعدد من النقط في سعي إلى تأمين انتخابات مثيرة للجدل بسبب الاحتجاجات السياسية والاضطرابات الاجتماعية والطائفية إضافة إلى الولاية الرابعة لبوتفليقة التي اثارت سخط شريحة واسعة جدا من الجزائريين، وفتحت البلاد على مستقبل غامض.
بوتفليقة: التصويت يجنب التفكك والانفصام
وبينما تتجه التوقعات العامة في الجزائر إلى التاكيد على فوز عبد العزيز بوتفليقة بالرئاسيات الجزائرية التي تجري غدا 17 أبريل 2014، فإن الرئيس المريض لم يتردد عشية هذا الاستحقاق من توجيه رسالة إلى الشعب الجزائري، دعاه فيها إلى المشاركة بكثافة في انتخابات الخميس. وقال بوتفليقة في رسالة هي الثالثة له منذ بدأ الحملة الانتخابية ونشرتها وكالة الانباء الجزائرية : “إن التصويت واجب أكثر منه حق. وهو الذي يقحم ضمير الفرد في التعاطي مع الصالح العام، ومع مصير الأمة ويجنب عرى علاقة الإنتماء للوطن التفكك والانفصام”. واضاف في مقطع موجه بشكل ضمني لدعاة مقاطعة الانتخابات “الامتناع عن التصويت إن كان من باعث نزعة عبثية أو خال مما يبرره، ينم عن جنوح عمدي إلى عدم مواكبة الأمة، وعن عدول عن مسايرتها والانتماء إليها”.
بن فليس: لن أسكت على التزوير و أنا هو الاستقرار
وفي سياق حالة الاستقطاب الحادة المنتعشة في حضن حر ب التصريحات بين السلطة والمعارضة وخصوصا بوتفليقة وخصمه علي بن فليس، فقد كذب الأخير وهو المرشح الحر للرئاسيات الحالية تهم “تأليب الشارع في حال إخفاقه”.وهي التهم التي استغلتها السلطة لمهاجمته واتهامه بالتحريض على العنف، بينما كان قال بن فليس حسبما اوضح نفسه في حديث له نقلتها وسائل الإعلام الجزائرية :” إنه لن يسكت عن حقه في حال ثبوت اغتصاب إرادة الشعب، وسرقة أصوات مسانديه “. ويرد بن فليس على تلك الاتهامات بقوله:”إنهم يقولون أنني سأخرج الشعب الجزائري للفوضى، يمكنهم الانتظار فأنا هو الاستقرار”. وكانت حملة بوتفليقة قد تركزت على تسويق نفسه باعتباره الضامن لاستقارا الجزائر دون أي احد آخر.
مقاطعوا الانتخابات يحشدون في الشارع
وفي جبهة أخرى مناهضة لبوتفليقة خرجت في عدد من شوارع مدينة تيزي وزو الجزائرية أمس مسيرة حاشدة تدعو إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية بسبب استمرار بوتفليقة في الترشح لعهدة رابعة على الرغم من انتهاء ولايته، واعتبار ذلك رغبة من السلطة العميقة في الجزائر بالاستبداد بالرئاسة.
وقالت صحيفة الخبر :” ، لقد نجح المنظمون وهم من حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية ( الأرسيدي) في تجنيد منخرطي الحزب ومواطنين للمشاركة في هذه المسيرة التي عرفت مشاركة مئات من أنصار “الأرسيدي” ودعاة مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقبلة من بينهم دعاة الحكم الذاتي لمنطقة القبائل ”الماك” “.
ونقلت ذات الصحيفة الجزائرية عن سعيد سعدي الرئيس السابق لحزب “الارسيدي” قوله:” إن ‘’نجاح المقاطعة على المستوى الوطني وبمنطقة القبائل سيركع النظام الذي سيرحل بعد أشهر”.
إنزال أمني مكثف لتأمين أصعب انتخابات رئاسية في تاريخ الجزائر
ونشرت السلطات الجزائرية بشكل مكثف جدا قوات أمنية من مختلف الاختصاصات بمختلف مواقع البلاد لتأمين انتخابات رئاسية هي الأصعب في تاريخ البلاد. وذكرت وسائل الإعلام الجزائرية أن الحكومة نشرت منذ امس حوالي 186 الف من عناصر الأمن بمختلف النقط التي تتوزع فيها مراكز الاقتراع ،واضافت مبرزة انه جرى وضع 10آلاف حاجز إضافي دوري وثابت، لتامين السير العادي للتصويت.
وفي السياق الأمني ذاته ذكرت صحيفة الشروق الجزائرية، أن السلطات الجزائرية التي قررت التعامل مع اي مفاجئة قد يحملها استمرار الاضطرابات بغرداية” قد نشرت وحدات عسكرية خاصة تابعة للجيش الوطني التي بسطت قبضتها على بعض مناطق غرداية “.
وقالت الشروق إن الحكومة راهنت على الحسم الأمني “بعد ورود معلومات لمصالح الأمن تفيد بوجود مخططات قد يستهدف شخصيات معروفة ومراكز انتخاب ومقرات أمنية وصناعية”.
و في خضم حالة الاستقطاب السياسي والاحتقان الاجتماعي والطائفي التي تخيم على الجزائر عشية الانتخابات يحبس الجزائريون انفاسهم في انتظا رما سيحمله له غدا حيث سيتم انتخاب رئيس جزائري جديد. ولئن كان معظم الجزائريين يسودهم اعقاد غالب ان الانتخابات قد تؤول إلى مرشح السلطة الذي هو بوتفليقة ، فإنه معلوم ايضا ان تكريس تلك النتيجة قد يحمل تداعيات بالتاكيد.