“فرصة جديدة” مبادرة بمثابة مقهى ثقافي لشباب الويب، الذين مروا بتجارب صعبة من أجل الوصول إلى الشهرة وتحولوا إلى صناع رأي يحضون بمتابعة عشرات الآلاف من الشباب المغربي، dw عربية حضرت إحدى لقاءات “فرصة جديدة” في مدينة القنيطرة (شمال الرباط)، والتقت بعدد من الشباب المغربي الذين جاؤوا للتحدث عن تجربتهم في الإنترنت وكيف ساعدهم الفضاء الافتراضي استعادة الأمل عبر الإبداع وحب مساعدة الآخرين وتقديم يد العون لعدد من الشباب الذين مازالوا مترددين في اختراق مجال الانترنت.
“أول شيء: الويب يجعل منك إنسانا مسؤولا لأنك تفكر في الآلاف من الشباب الذين يشاهدون مقاطع الفيديو التي تنجزها ويؤمنون بالأفكار التي تتحدث عنها لذلك تشعر بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقك” يقول سهيل الشيدني في تصريحه لDW عربية. سهيل له قناة في اليوتوب يتابعها أزيد من 200 ألف شخص، كان من بين هؤلاء الشباب الذي أحدث الانترنت نقلة نوعية في حياتهم “تحولت من شاب منغلق على نفسه ليس لديه أي هدف أو أمل إلى شاب منفتح ويتمتع بثقة كبيرة في نفسه” يضيف سهيل الذي حضر لمقهى “فرصة أخرى” للحديث عن تجربته أمام الشباب.
“الويب أعاد لي الأمل في الحياة“
نور الدين الفقير الشاب ذي 32 ربيعا وصاحب مبادرة “فرصة أخرى” تحدث إلى DW عن تجربته الشخصية مع الويب، وكيف انتقل من حياة الضياع والإحباط إلى المبادرة وقيادة عدد من المشاريع الناجحة، “في البداية كنت شخصا غير مسؤول ولا هدف لي، أعيش حياة الطيش واللامبالاة التي كانت تجر علي عددا من المشاكل في حياتي الشخصية والعائلية”. يحكي نور الدين أن تلك الأيام أصبحت تخجله ولا يريد الحديث عنها، أيام كان ليلها شبيه بنهارها وأدت إلى حالة من فقدان الأمل في كل شيء وفقدان الثقة في نفسه، “لكن كل شي سيتغير عندما أصبحت ألتقي بعدد من الشباب الذين يشتغلون في الويب ورأيت الطاقة التي يشتغلون بها والأمل الذي يملؤهم قررت بأن أنخرط في هذا المجال وهو ما غير حياتي رأسا على عقب”.
بعد لقاء نور الدين بشباب الانترنت الذين أعطوه حافزا لكي يشتغل في هذا المجال، قرر الشاب الذي يحمل حاليا شهادة الماستر في المعلوميات إطلاق مبادرة “فرصة أخرى”، والتي تهدف إلى “إعطاء فرصة إلى جميع الشباب المغربي الذي يعاني حالة من الضياع أو لم يجد من يقدم له يد العون من أجل انتشاله من حياة الإحباط والقيام بأمور متهورة قد تضيع مستقبلهم”، يقول نور الدين بلغة مفتخرة بمشروعه الذي يجذب مئات الشباب من جميع المدن المغربية. وأكد في نهاية حديثه مع DW عربية بأن مشروعه القادم هو “البحث عن التمويل لجميع المشاريع الخلاقة في الويب من أجل مساعدة الشباب المغربي”.
بين البحث عن الذات والرغبة في الشهرة
إذا كان نور الدين والشباب الذين حضروا إلى مقهى “فرصة أخرى” قد أكدوا في جميع مداخلاتهم على أن الويب منحهم الثقة في النفس ومنحه فرصة تحقيق ذواتهم، فإن أستاذ علم الاجتماع والخبير الإعلامي عبد الوهاب العلالي قال في تصريح لDW عربية بأن الانترنت “مكن الشباب من تبادل وتقاسم المعلومات وخلق المنتديات والجماعات للتداول وتبادل المعلومات حول قضايا ذات ارتباط بالواقع” مما يعني أن الإنترنت وسيلة اتصال توفر قدرة فريدة وفعالة لتأطير النقاش العمومي حول القضايا الحيوية للمجتمعات وتكوين القناعات والإنتقال إلى الفعل. العلالي أشار إلى أن الإنترنت يمكن بنقرة واحدة ولوج نظام جديد للحرية “والانفلات من رقابة المؤسسات الأسرية، كما مؤسسة الدولة والمدرسية والمؤسسة الدينية وغيرها”. كل ذلك يمنح للشباب فرصا للعيش في عالم افتراضي ووهم التوفر على جرعات عالية من الحرية في التواصل والتعبير وتقاسم ماهو مشترك ومختلف حوله”.
لكن الخبير الإعلامي لم يفته في نفس الوقت التحذير من خطر البحث عن الشهرة في الويب بأي طريقة ذلك أن “سيادة ظاهرة ثقافية استهلاكية لصناعة النجوم والشهرة التي تفرز على الدوام ظواهر التنميط والقوالب الجديدة لطمس الهويات وتوليد الأنماط الاستهلاكية العصرية قد تختفي بنفس السرعة التي ظهرت بها”.
ضريبة الشهرة
حنان أمجد أشهر الفتيات اللاتي يقمن بنشر مقاطع فيديوهات على اليوتوب ويتابعها أكثر من 220 ألف شخص، تحدثت مع DW عربية عن تجربتها مع الويب وعن الصعوبات التي تجدها بعد أن أصبحت مشهورة “المجتمع مازال ينظر إلى الفتاة على أنها يجب تتوارى عن الأنظار لذلك فالكثير من الناس يعتبرونني جريئة على الرغم من أنني أناقش فقط مشاكل التعليم في المغرب” تقول حنان أمجد ذات 22 ربيعا، هذه النظرة الدونية للفتاة أثرت أيضا على عائلة حنان التي طلبت منها دونما مرة التوقف عن العمل في الويب “على الرغم من أن عائلتي تثق في قدراتي إلا أنها تخاف علي من كلام الناس وهذا يجعلني أتحمل ضغطا مضاعفا وأستشعر ثقل المسؤولية حتى لا أخيب ظن أسرتي وكل من يتابعني” تقول حنان أمجد الفتاة الأشهر في ساحة الويب المغربي حاليا.