تحل هذه الأيام الذكرى السنوية الأولى لتولي الملك فيلبي السادس العرش الإسباني خلفا لأبيه خوان كارلوس، ولم ينجح في السنة الأولى من إعادة الهيبة والاحترام الكامل لهذه المؤسسة ولكنه أبعدها عن سلسل الفضائح وتصدر الأخبار السلبية في وسائل الاعلام.
وكان الملك خوان كارلوس قد خضع لضغوطات من طرف جهات في الدولة الإسبانية ومنها المخابرات، حسب كتاب “نهاية اللعبة” للصحفية آنا روميرو الصادر خلال أبريل الماضي خوفا من انتهاء الملكية معه بسبب الفضائح التي تورط فيها، ماليا وعاطفيا وهددت استقرار البلاد.
ويفيد المحللون والمهتمون بالشأن الإسباني عدم تحقيق الملك الجديد قفزة نوعية في مكانة المؤسسة الملكية ولكنه نجح نسبيا في سنته الأولى سياسيا واجتماعيا وبدء اكتساب صورة جديدة، هي إيجابية عموما ولكن محتشمة.
وعلاقة بالشق السياسي، فقد حاول الملك الجديد القيام بدور الحكم في السياسة الإسبانية رغم الضغوطات التي يتعرض لها لمواجهة مطالب الحركات القومية في كتالونيا وبلد الباسك الداعية للاستقلال عن اسبانيا.
في الوقت ذاته، يحافظ على مسافة معقولة من كل من الحكومة والمعارضة ومختلف الأحزاب. ونجح أساسا في أن لا يكون له أصدقاء أو تابعين يتحدثون باسمه وسط المجتمع الإسباني ويضعونه في مواقف حرجة. عكس ما كان يحدث مع أبيه خوان كارلوس الذي كان له أصدقاء يوظفهم في إيصال بعض خطاباته السياسية بطريقة غير مباشرة، مما تسبب له في الكثير من المشاكل السياسية.
وطيلة السنة الأولى من حكمه، لم تنفجر أي فضيحة فساد تورط فيها عضو من العائلة الملكية، وكل الفضائح الملكية الحالية هي التي تعود الى حقبة الملك خوان كارلوس ومنها فضيحة تورط شقيقته الأميرة كريستينا في اختلاس مالي، حيث من المنتظر بدء محاكمتها خلال الشهور المقبلة رفقة زوجها إنياكي أوندنغرين بتهم الفساد.
وساهمت المجهودات التي قام بها فيلبي السادس في تحسين صورة المؤسسة الملكية لدى الرأي العام، لكن مجهوداته تستمر دون المستوى بحكم عدم استعادة الملكية هيبتها. ففي آخر استطلاع للرأي خلال الشهر الماضي، أنجزه معهد الدراسات الاجتماعية، وهو معهد رسمي، كشف حصول الملكية على 4،4 على عشرة في سلم التنقيط، أي لم تصل الى المعدل الذي هو خمسة على عشرة، لكن أحسن من السنة الماضية عندما حصل خوان كارلوس على 3،72% على عشرة.
في الوقت ذاته، لا تعتبر المؤسسة التي تحظى بأكبر قدر من بإعجاب واحترام الإسبان، بل احتلت فقط المركز الرابع وتقدمت عليها مؤسسة الشرطة والحرس المدني والجيش. لكن صورة الملكية أحسن بكثير من الأحزاب السياسية والحكومة والبرلمان، وفق استطلاع الرأي نفسه.
ويبقى التحدي الأكبر للملك هو استعادة الملكية لهيبتها وحضورها المحترم، فذلك شرط سيساعد على التقليل من مطالب الجمهوريين والحركات القومية الداعلية للاستقلال في بلد الباسك وكتالونيا.
وعمليا، فبعد سنة من وجوده في العرش، لم ينجح بشكل كبير حتى الآن في وقف انتعاش مطالب الجمهوريين بالجمهورية، كما لم ينجح في جعل القوميين يتخلون عن مطالبتهم.