يجري تنافس بين أعضاء الاتحاد الأوروبي حول منطقة المغرب العربي للتحول الى الزبون التجاري والمستمثر الرئيسي في المنطقة ولاسيما بين فرنسا واسبانيا وإيطاليا. واقتحم منافس جديد الساحة ويتعلق الأمر بتركيا التي قام رئيس حكومتها طيب رجب أردوغان بزيارة الى المغرب وتونس والجزائر هذا الأسبوع للبحث عن مخاطبين سياسيا واقتصاديا. ويبدو أنه نجح في التفاهم مع الجزائر في هذا الصدد أكثر من تفاهمه مع المغرب.
وتعتبر منطقة المغرب العربي استراتيجية في البحر الأبيض المتوسط من الناحية السياسية والاقتصادية خاصة للأوروبيين بسبب الاستقرار فيها مقارنة مع شرق البحر الأبيض المتوسط. وتاريخيا، هناك صراع قوي بين الدول الأوروبية، وإن كان ينحصر أساسا بين فرنسا واسبانيا وإيطاليا للفوز بالصفقات وتبوأ صدارة التبادل التجاري مع المغرب العربي.
وعملت أوروبا على حماية نفوذها ومصالحها في المغرب العربي أمام المنافسة الأمريكية والصينية، ونجحت نسبيا في هذه العملية، لكن الآن تجد في مواجهتها دولة ذات اقتصاد صاعد وقوة سياسية تتعاظم وهي تركيا التي تنتمي الى نفس ثقافة المغرب العربي والمتوسط.
وتشكل زيارة طيب رجب أردوغان الى المغرب العربي منعطفا في العلاقات بين تركيا والدول المغاربية تونس والجزائر والمغرب. وشدد الأتراك أن هذه زيارة أردوغان تهدف الى تعزيز موقع تركيا الاقتصادي ومخاطب سياسي. في هذا الصدد، استطاعت تركيا في ظرف وجيز أن تصبح ضمن الممولين والشركاء الاقتصاديين العشر لدول المغرب العربي، بحوالي 19 مليار دولار كمبادلات تجارية مع الدول الثلاث، المغرب وتونس والجزائر.
فقد بلغ التبادل التجاري مع المغرب ثلاثة ملايير دولار ومع الجزائر عشرة ملايير دولار، أي تفوقت على شريك رئيسي وهي إيطاليا، وأصبحت تقترب إن لم تكن قد تجاوزت في المبادلات التجارية مع حجم مبادلات اسبانيا مع المغرب العربي، وقد تقترب مستقبلا من فرنسا.
وهذه المعطيات تؤكد أن تركيا ستكون من الدول الأكثر استفادة من تطور السوق المغاربية وقد أصبحت منافسا حقيقيا للدول الأوروبية. وكانت فرنسا قد اعترفت في تقارير دبلوماسية-اقتصادية أنها لم تعد فقط تعاني من منافسة اسبانيا وإيطاليا بل من دول مثل تركيا والصين، وركزت كثيرا على تركيا لأنها بدأت تتحول الى قوة إقليمية في البحر الأبيض المتوسط بينما الصين ترغب في التحول الى قوة عالمية.
ولا ترغب تركيا في الحصول فقط على صفقات تجارية وتعزيز نفوذها الاقتصادي بقدر ما ترغب في جعل المغرب العربي مخاطبا سياسيا. في هذا الصدد، يبدو أن أردوغان يراهن كثيرا على الجزائر للتنسيق في المواقف في البحر الأبيض المتوسط وتجاه أوروبا وكذلك إفريقيا. وقال أردوغان “نرغب في أن تكون شراكتنا مع الجزائر وانطلاقة شاركتنا القوية التي نريد تجسيدها مع إفريقيا”. ونجح أردوغان في زيارته للجزائر أكثر من زيارته الى المغرب.
ويقول مصدر دبلوماسي لجريدة القدس العربي “في ظل تطورات الربيع العربي، وتواجد حركات إسلامية في الحكم، قد تربح تركيا دبلوماسيا في تنسيقها مع دول جنوب البحر الأبيض المتوسط مثل مصر وتونس والجزائر بمحاولة فرض معايير وىليات جديدة في التعاطي الدبلوماسي مع ملفات تهم البحر الأبيض المتوسط أساسا بدل التشرذم السابق”.