عادت روسيا إلى التسبب هذه الأيام في مزيد من القلق لدى الولايات المتحدة ومنظمة شمال الحلف الأطلسي بعد إجرائها لتجربتين عسكريتين فريدتين وهما تدمير قمر اصطناعي بواسطة صاروخ، ثم تجربة صاروخ فائق للصوت عشر مرات في ضرب هدف بحري.
وهناك بعض التجارب التي يتم الإعلان عنها لإبراز التفوق العسكري وإرسال رسائل الدرع إلى من يفترض أنهم أعداء، وهناك تجارب أخرى تجري في صمت بغية أن تكون من الأسلحة الخاصة بالمفاجآت إبان النزاعات. إذ توجد أسلحة معروفة وأخرى غير معروفة، وتاريخ الصناعة العسكرية مليء بهذه الأمثلة.
وأجرت روسيا تجربة تدمير أحد أقمارها الاصطناعية في الفضاء، ولم تكشف عن هذه التجربة. ونددت الولايات المتحدة الاثنين من الأسبوع الماضي بهذه التجربة التي حاولت موسكو إخفاءها. واضطرت هذه الأخيرة إلى الاعتراف في اليوم الموالي أي الثلاثاء. ووصفت واشنطن عبر وزير خارجيتها أنتوني بلينكن التجربة “بالخطيرة واللامسؤولة” لأنها تدخل العالم في صراع جديد كما تهدد حياة رواد الفضاء المتواجدين في المحطة الفضائية الدولية إي إس إس بسبب بقايا القمر الاصطناعي.
وانضمت عدد من الدول وكذلك منظمة شمال الحلف الأطلسي إلى التنديد. وقال الأمين العام لهذا التحالف العسكري جينس ستولتنبرغ الثلاثاء من الأسبوع الجاري “التجربة الروسية بتدمير قمر اصطناعي بواسطة صاروخ تعد مصدر قلق وتؤكد سعي روسيا إلى تطوير أسلحة قادرة على تدمير أقمار اصطناعية وكذلك بنيات فضائية ذات الاستعمال الأرضي مثل الاتصالات والملاحة الجوية أو أنظمة الإشعار الخاصة بإطلاق الصواريخ”.
وعاد الحلف الأطلسي السبت إلى إصدار بيان رسمي يدين فيه هذه التجربة بعبارات قاسية ضد موسكو.
وفي الوقت الذي ما زال الغرب يحتج على هذه التجربة، أعلنت موسكو الخميس عن تجربة عسكرية جديدة مفادها إطلاق فرقاطة “الأميرال غورشكوف” صاروخ “تسيركون” (يسمى زيركون في الغرب) على هدف بحري في مياه البحر الأبيض شمال روسيا.
وأضافت وزارة الدفاع الروسية “أطلقت فرقاطة (الأدميرال غورشكوف) التابعة للأسطول الشمالي، في البحر الأبيض صاروخ (تسيركون)، ضمن تنفيذ مهام دورة تدريبية قتالية”.
وفي ظل التجارب العسكرية والمناورات، قد يعد الخبر عاديا، لكن طبيعة الخبر ونوعية التجربة أثارتا مجددا القلق الكبير في الغرب وخاصة في البنتاغون. ويتعلق الأمر بالقدرة الفائقة لهذا الصاروخ وقوته التدميرية، إذ يعتبر “تسيركون” الروسي أول صاروخ “كروز” مجنح فرط صوتي في العالم يطلق من البحر، تفوق سرعته سرعة الصوت بمقدار 8-9 ماخ ما يعادل نحو 10 آلاف كيلومتر في الساعة، وفق المعطيات التي نشرتها سبوتنيك نقلا عن وزارة الدفاع.
وكانت الفرقاطة نفسها قد أجرت الصيف الماضي تجربة مماثلة همت ضرب هدف أرضي وتم إجراء تجربة أخرى في بحر بارنتس من غواصة، أما التجربة الأخيرة فقد دمرت هدفا بحريا.
وتعد هذه التجربة من أسوأ الأخبار العسكرية للغرب، لا سيما بعد قرار الكرملين إدخال هذا الصاروخ الخدمة على متن غواصات نووية ابتداء من السنة المقبلة. وستكون روسيا أول دولة ستسلح غواصاتها بالصواريخ الفائقة السرعة. وكتبت مجلة فوربس الأمريكية خلال سبتمبر الماضي عند التجربة الأولى عن القلق الأمريكي لأن البنتاغون لا يمتلك صاروخا مماثلا، كما أن تسيركون قادر على تدمير حاملات الطائرات الأمريكية، والأخطر هو عدم وجود نظام مضاد لاعتراضه.
ولإبراز التفوق الروسي في مجال الصواريخ التي تفوق الصوت، كان الرئيس فلادمير بوتين قد علق مازحا “إذا كانت الولايات المتحدة قلقة على أمنها، فنحن يمكننا بيعها هذه الصواريخ لحماية نفسها”.