وعيا منها بقوة الإنترنت وبرامج التواصل التي تتيحها ودورها في إحداث التغيرات السياسية والاجتماعية في الوقت الراهن وخاصة الربيع العربي-الأمازيغي، تعمل سلطات الجزائر على عرقلة تطور الإنترنت في البلاد، الأمر الذي يدفع جزائريي الحدود مع تونس والمغرب الى الرهان على منتوج شركات الاتصالات في البلدين.
وتعيش الجزائر مفارقة قوية للغاية وغير منطقية، فمن جهة تمتلك موارد مالية هائلة ناتجة عن صادرات النفط والغاز ولكنها لم تعمل على تطوير وتحديث شبكة الاتصالات وخاصة في الإنترنت ومازالت تعتمد الجيل الثاني وصبيب لا يتجاوز 256 كلبايت رغم لاحديث عن 20 ميغابايت، ومن جهة أخرى ترفع شعارات التصنيع وتحول دون تطوير أهم رافعة للرقي في الوقت الراهن وهي شبكة الإنترنت وما تتحيه من برامج للتواصل سياسيا واجتماعيا وعلميا.
وكتب الصحفي والمحلل الجزائري كمال زيات في جريدة القدس العربي أن دولة الصومال التي تعيش مشاكل حقيقية تتوفر على خدمة الجيل الثالث من الإنترنت بينما الجزائريون مازالوا ينتظرون. ويبرز في مقاله المنشور أمس الجمعة أن هناك اتفاق بين المحللين والسياسيين والمراقبين أن هذا التأخر له علاقة بما هو سياسي.
وتنقل جريدة البلاد الجزائرية في عدد أمس عن يونس قرار الخبير الجزائري في الاتصالات يونس أن التأخير الذي تقوم به الدولة في مجال الجيل الثالث من الإنترنت إهانة للشعب الجزائري.
وتدرك السلطات الجزائرية قوة برامج التواصل التي يتيحها الجيل الثالث من الإنترنت والدور الذي تلعبه الشبكة في التغييرات الاجتماعية والسياسية، ولهذا يتم عرقلة تطور الإنترنت في الجزائر.
وتوجد أمثلة من تاريخ الاتصالات في الجزائر تؤكد تخوف مؤسسة الرئاسة بزعامة عبد العزيز بوتفليقة والأجهزة الأمنية من الإنترنت وعلى رأسها مثال تعميم الاستفادة من الهاتف النقال حتى سنة 2003 بعدما كان محصورا على المسوؤلين وكبار القوم والذين لهم علاقات للحصول عليه.
وتعتبر الجزائر من عشرة دول في العالم لا تتوفر على الجيل الثالث إما لأسباب سياسية مثل كوريا الشمالية وكوبا أم لأسباب اقتصادية مثل بعض مناطق مالي وإيرتيريا ومنغوليا، وينطبق المعيار الأول على الجزائر وليس الثاني بحكم الأموال الوافرة التي تتوفر عليها بفضل عائدات النفط والغاز.
في الوقت ذاته، الاشتراك العادي عبر الأسلاك ADSL مرتفع الثمن وضعيف الصبيب جدا. وأمام هذا الوضع غير المنطقي للاتصالات في الجزائر، يبدو أن الجزائريين سكان الحدود مع المغرب وتونس يتفادون هذا الخلل لشرائهم بطالق الجيل الثالث من شركات تونسية ومغربية.
وأعربت الجزائر عن قلقها من تهريب شرائح لشركات مغربية مثل ميدتيل وإينوي واتصالات المغرب الى الغرب الجزائر حيث يوجد إقبال قوي عليها.
وعادة ما يبتكر المواطنون نكثا سياسية للتعليق في حالات مثل هذه، ويكتب أحد الجزائريين في الفايسبوك “بوتفليقة يقول أن الجزائر ما زالت تعيش الجيل الثانث من الثورة، بعد عشر سنوات سننتقل الى الجيل الثالث ووقتها يمكن السماح بخدمة الجيل الثالث من الإنترنت للجيل الثالث من الثورة”.
وبينما تستعمل بعض دول الجوار مثل اسبانيا وفرنسا الجيل الرابع وتتهيئ دول أخرى متاخمة مثل المغرب وتونس لاستخدام هذه التقنية، ينتظر الجزائريون بلهفة صدور قوانين تسمح لهم باستخدام الجيل الثالث.
والمنطق يتطلب أن تقفز الجزائر الى الجيل الرابع مباشرة وليس الجيل الثالث لمسايرة إيقاع العالم في الاتصالات.