كلّف العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس مساء الثلاثاء من الأسبوع الجاري زعيم الحزب الشعبي المحافظ ألبرتو نونييث فيخو بتشكيل الحكومة المقبلة، ولا يتوفر على أغلبية واضحة حتى الآن. وفي حالة الفشل، قد يحاول رئيس الحكومة المؤقت بيدرو سانشيز أو الذهاب نحو إعادة الانتخابات.
وكانت إسبانيا قد شهدت انتخابات تشريعية مبكرة الشهر الماضي، أسفرت عن فوز الحزب الشعبي المحافظ ولكن بدون أغلبية لتشكيل الحكومة، رغم أن الفائز كانت هي أحزاب اليمين سواء المعتدل مثل الشعبي أو المتطرف مثل حزب فوكس أو الأحزاب اليمينية القومية في بلد الباسك وكتالونيا مثل الحزب القومي الباسكي.
وأعلن رئيس الحكومة المؤقت وهو زعيم الحزب الاشتراكي بيدرو سانشيز قدرته على تشكيل الحكومة بالجمع بين الأحزاب اليسارية وبعض الأحزاب القومية سواء اليسارية منها مثل الحزب الجمهوري الكتالاني أو اليسارية مثل بيلدو بل حتى اليمينية القومية. غير أن الملك فيليبي السادس ارتأى الحفاظ على التقاليد السياسية وهي تكليف الحزب الفائز بتشكيل الحكومة، وإذا فشل يتم تكليف الحزب البديل، وفي هذه الحالة الحزب الاشتراكي.
وكان الحزب الشعبي قد حصل على 139 مقعدا في الانتخابات التشريعية، وضمن دعم كل من حزب فوكس المتطرف وحزب اتحاد حزب نافارا وحزب ائتلاف الكناري، ويحتاج فقط الى أربعة أصوات لتحقيق الأغلبية المطلقة لتشكيل الحكومة المقبلة.
ويحاول الحزب الشعبي الاعتماد على تجاربه السياسية السابقة في إقناع الأحزاب القومية، إذ كانت إسبانيا قد شهدت سيناريو مماثل سنة 1996، حيث فاز وقتها بزعامة خوسي ماريا أثنار بالانتخابات على حساب الحزب الشعبي بزعامة فيلبي غونثالث، واضطر الى مفاوضات عسيرة دامت شهرين لإقناع كل من الحزب القومي الباسكي وحزب “الوفاق والتجمع” الكتالاني بتأييد الحكومة، وهو ما حصل ولكن بعد تقديم تنازلات خاصة بالحكم الذاتي.
وفي المقابل، ينتظر الحزب الاشتراكي فشل الشعبي لكي يتقدم بمقترح تشكيل الحكومة، لكنه يجب أن يضمن أصوات الأحزاب القومية بدوره، وتؤكد جريدة الباييس في افتتاحيتها الأربعاء من الأسبوع الجاري أن سانشيز لم يضمن بعد الأغلبية. ورغم تصويت الأحزاب القومية مثل الحزب الجمهوري الكتالاتي على رئاسة الحزب الاشتراكي للبرلمان ممثلا في النائبة فرنسينا أرمنغول، فقد أكد أن التصويت على رئاسة البرلمان شيء ورئاسة الحكومة شيء آخر. ويطالب هذا الحزب بالعوف عن جميع نشطاء كتالونيا الذين تمت محاكمتهم بسبب استفتاء تقرير المصير سنة 2017 في كتالونيا، ثم ضرورة احترام الحكومة المقبلة لمبدأ استفتاء تقرير المصير لبقاء كتالونيا ضمن إسبانيا أو تستقل.
وهناك تحفظ من طرف عدد من مؤسسات الدولة مثل الجيش على الصلاحيات والتنازلات التي قد يقدمها الزعيم الاشتراكي لصالح الأحزاب القومية بشأن الحكم الذاتي للفوز بالحكومة.
وإذا لم ينجح الحزب الشعبي في تشكيل الحكومة، وفشل الاشتراكي بدوره، سيتم تكرار الانتخابات كما حدث سنة 2016. ومنذ تراجع القطبية التي حكمت إسبانيا منذ الانتقال الديمقراطي بظهور أحزاب جديدة مثل فوكس اليميني المتطرف أو بوديموس اليساري الذي انضم إلى حزب سومار، أصبح تشكيل الحكومة يخضع لمبدأين، إما ائتلاف حكومي مكون مثل الحكومة المؤقتة الحالية أو إرضاء الأحزاب القومية للحصول على الأغلبية المطلقة.