رغم تراجع أسعار النفط في الأسواق الدولية وما يفترض من انعكاسات إيجابية على النمو الاقتصادي العالمي، يعرب صندوق النقد الدولي عن قلقه البالغ لاسيما وأن دول كبرى مثل الصين ومناطق هامة مثل أمريكا اللاتينية تسجل تراجعا في النمو. وهذه التطورات الخاصة ب 2015، تلقي بتأثيراتها السلبية والإيجابية على الاقتصاد المغربي.
ويتحدث صندوق النقد الدولي عن نمو اقتصادي في العالم يناهز 3،5% لسنة 2015، بينما كان التقدير في البدء هو قرابة 4%، والتراجع في التقدير بل وتراجع النمو الاقتصادي المرتقب للسنة الجارية مفارقة حقيقية في حالة الأخذ بعين الاعتبار تراجع أسعار النفط في الأسواق الدولية بحوالي 55%:
ويعود التراجع الى أسباب متعددة، يجملها صندوق النقد الدولي وتحاليل الخبراء الى بطء نمو اقتصاد الصين الذي كان قاطرة حقيقية للاقتصاد العالمي خلال العشر سنوات الأخيرة بما يفوق 9% والآن لا يتجاوز 7% وقد ينزل الى 6%. وستجر الصين معها عدد من اقتصاديات آسيا الصاعدة الى الانخفاض.
ضعف الاقتصاد في كبريات الدول الأوروبية مثل فرنسا التي بالكاد ستجل 0،1% أو المانيا بحوالي 1،3% نحو الانخفاض، بينما اقتصاد اسبانيا قد يحقق نموا يصل الى 2%، لكنه ليس في مستوى قوة وحجم فرنسا وألمانيا.
وتعيش روسيا وضعا صعبا للغاية بسبب تراجع أسعار النفط، وهو ما تعاني بدورها منطقة دول أمريكا اللاتينية التي تتأثر بتراجع الصين وروسيا والاتحاد ألأوروبي.
ووسط كل هذا، يبقى الاقتصاد الأمريكي الوحيد الذي يسجل ارتفاعا هاما بحوالي 3،6% خلال السنة الجاري، ويكفي أنه خلق مناصب شغل هي الأعلى خلال 15 سنة الأخيرة.
ويحمل الوضع الاقتصادي العالمي تأثيرات على الاقتصادي المغربي، فالدولة المغربية تعتبر أن النمو قد يتجاوز 4،4%، علما أن تكهنات الرباط دائما تنتهي الى النصف كما حدث سنة 2014 حيث لم يتجاوز 2،6% بينما كان أكثر من 4%، وفي أحسن الظروف لن يتجاوز 3% بالنسبة لسنة 2015، وهي نسبة هامة قد تعني مقاومة الاقتصاد المغربي للتغيرات الدولية.
ويحمل تراجع النفط أخبار سارة للغاية للمغرب بسبب تراجع فاتورة النفط وبالتالي الضغط على ميزانية البلاد بشأن صندوق المقاصة. لكنه في الوقت نفسه يطرح تحديا، هل سيعني هذا تراجع تكاليف الإنتاج في المغرب، مما قد ينعكس إيجابا على الصادرات.
وعلاقة بالصادرات، فلم ترتفع كثيرا نحو الاتحاد الأوروبي، وتراجع الاقتصاد الفرنسي سيزيد من صعوبة الاقتصاد المغربي بينما الإسباني لا يحمل تأثيرات كبيرة لأن ميزان التبادل لصالح اسبانيا مع المغرب بشكل كبير للغاية، ولا توجد مؤشرات على رفع المغرب صادراتها لهذا البلد. ولم يطور المغرب صادراته للولايات المتحدة الأمريكية رغم وجود اتفاقية تجارة حرة، علما أن الاقتصاد الأمريكي هو الوحيد الذي يتقدم في العالم الآن.
ومن جانب آخر، تعاني دول الخليج من خسائر جراء تراجع النفط، وتبلغ خساراتها 300 مليار دولار سنة 2015. وهذه الدول هي من أكبر المانحين للمغرب، وقد تقلص من مساعداتها المالية وكذلك من استثماراتها في المغرب.