يعيش المغرب ومنذ أيام حالة الاستثناء العسكرية غير المعنلة، ولم تكلف الدولة المغربية سواء على مستوى المؤسسة الملكية أو الحكومة أو المؤسسة العسكرية نفسها إصدار بيان توضيحي للرأي العام حول الأسباب التي دعت الى هذا الاستثناء.
ومنذ أيام، أقدمت المؤسسة العسكرية على نشر بطاريات ومنصات صواريخ مضادة للطيران تحسبا لما يفترض أنه هجمات إرهابية بالطائرات قد يتعرض لها المغرب بضرب بعض بنياته ومنشآته الاستراتيجية مثل الموانئ والسدود. وشملت عملية نشر العتاد العسكري مناطق متعددة من البلاد بحكم شبكة المنشآت الاستراتيجية المتواجدة على طول الخريطة المغربية.
وبقدر ما شعر المواطنون بنوع من الآمان لوجود مؤسسة عسكرية تضمن الأمن وتواجه الأخطار الإرهابية التي تحذق بالبلاد بقدر ما يتسبب الصمت في قلق حقيقي وسط الرأي العام حول حقيقة الأخطار.
وهذا الصمت الرسمي ترتب عنه انتشار أطروحات وإشاعات متعددة حول المصدر الحقيقي للخطر. ورغم أن الرأي السائد وسط المغاربة هو ربط ما يجري بتطورات الإرهاب في ليبيا إلا أن بعض الإشاعات المتناسلة في شبكات التواصل الاجتماعي تبنت تأويلات، وإن كانت غير منطقية، فهي تكتسب مصداقية في ظل الصمت الرسمي.
المؤسسة الملكية هي المسؤولة عن البلاد، والأمر يتطلب من الملك محمد السادس عبر ديوانه إصدار بيان توضيحي للشعب المغربي حول الأسباب التي استوجبت حالة الطوارئ العسكرية الحالية التي لم يعتد المغاربة عليها، وذلك دفعا لكل لبس وغموض.
المؤسسة العسكرية هي التي قامت بنشر عتاد عسكري في مناطق متعددة من البلاد، وكان على هذه المؤسسة أخذ المبادرة والتنسيق مع باقي المسؤولين في البلاد لإصدار بيان توضيحي للرأي العام المغربي. لا يمكن للجيش المغربي أن يتوفر على طائرات ف 16 المتطورة، ويمتلك فرقاطات من نوع فريم في وقت يفتقد للتواصل المؤسساتي مع الشعب، ويحدث هذا في القرن الواحد والعشرين.
ومنح الدستور المغربي صلاحيات واسعة لرئيس الحكومة في مخاطبة الرأي العام، فالوضع يتطلب منه الشجاعة وممارسة صلاحياته الدستورية ويخبر الرأي العام بمصدر الأخطار التي تهدد البلاد. ولا يمكن لعبد الإله ابن كيران الاختفاء وراء مقولة “الملك يحكم والحكومة تسير”.
ويبقى الأمن القومي الإعلامي الذي يرمي الى تطمين وتهدئة الرأي العام وحمايته من أبرز ركائز الأمن القومي العام للبلاد. والدول المسؤولة تخبر رأيها العام ولا تتركه عرضة للتأويلات.
وعليه، لم تكن المؤسسات الثلاث، الملكية ورئاسة الحكومة والعسكرية في الموعد بسبب صمتها غير المبرر. وهذا التصرف يصل الى مستوى اللامسؤولية لأنها تركت الرأي العام المغربي يبحث عن تفسيرات وتوضيحات في الخارج وعرضة للإشاعات حول الأسباب الحقيقية لنشر عتاد عسكري مضاد للطائرات في نقاط متعددة من البلاد.
ما يجري في المغرب، يؤكد مجددا أن العاهة العظمى والتاريخية التي تعاني منها المؤسسة المغربية وتكلف المغرب الكثير سياسيا واقتصاديا في ملفات منها الشائكة هو عدم التواصل، سواء من باب العجز أو التحقير أو اللامبالاة أو اعتبار المغاربة قاصرين لا يستحقون التوضيح.