يشعر المغاربة بخيبة أمل وغضب كبيرين جراء تمتيع مجرم اسباني “دانيل غالفان” بالعفو الملكي وهو المدان بثلاثين سنة سجنا بجريمة بشعة تمثلت في اغتصاب 11 طفلة مغربية، بينهن من كان عمرهن سنتان لا غير. والأنكى أيضا أن العفو شمله بينما لم يقض من عقوبته غير سنتين بل إنه لم يُمَكِّن ضحاياه من التعويض المالي الذي فرضه عليه القضاء المغربي ضمن رزنامة الادانة.
الإحساس باجترارا مرارة علقم اتجاه العفو الملكي الذي شمل الجاني دانييل غالفان، فجرت في أوساط المغاربة زخما من الغضب تضيق عنه سماء المغرب، جسدتها أسئلة كثيرة عن كيفية تسلل هذه المغتصب الغاشم إلى قائمة من يشملهم عفو ملكي؟ بعضهم تابع للدولة، أوعز ملمحا أن للأمر صلة بمصالح المغرب العليا، وكأنه يرغب في أن يلقي بالمسؤولية على الطرف الاخر ويتعلق الامر هنا بالقصر الملكي الإسباني، غير أن الاخير نفى بشكل تام مسؤوليته عن انتقاء أعضاء اللائحة التي شمل أعضاءها، من السجناء الإسبان الذين يقضون عقوبة حبسية بالمغرب، العفو الملكي المغربي. وفوق ذلك لا يمكن ان تبني ذريعة من هذا النوع في تبرير زلة كبرى مثل هذه.
ومنطقيا وإن كان تدخل خوان كارلوس صحيحا، لا يمكن قبول طلب مشين مثل الذي تقدم ملك اسبانيا، ملك يحاسبه مواطنوه حول تصرفاته.
وتتجه الأنظار بل وكذلك أصابع الاتهام بالمسؤولية المعنوية والأخلاقية الى ملك البلاد محمد السادس، فمهما تعددت التفسيرات يبقى المسؤول أمام شعبه وأمام التاريخ عن تبعات هذا العفو الذي بات واضحا انه زلة كبرى.
وتعمق هذه الزلة حجم المفارقة في هذا الفعل، حيث ملك البلاد المدافع الاول عن كرامة المغاربة يحدث ان يتمتع مغتصب كرامة الاطفال المغاربة بعضهن دون الثالثة بعفو ملكي صادر عنه.
يدرك المغاربة أن الملك لم يتصرف عن سوء نية، بل لا يمكن التكشيك من حسن نوياه في هذا الامر، لكن ذلك لا يسقط مسؤوليته ومسوؤلية الديوان الملكي، في التدقيق في هذه الزلة، والتحقيق من قائمة الذين يشملهم قرار العفو وشمل في هذه المرة مغتصبا أجنبيا أوقع ألما شديدا بأسر مغربية وألحق اذى كبيرا بفلذات أكبادها ،خُدِش معه كبرياء المغاربة حيث يشعرون اليوم بخذلان حقيقي من المؤسسة الملكية.
فالملك تبقى عليه مسؤولية مساعديه الذين وضعوا يده في هذه الزلة، وكانت بمثابة طعنة في الظهر ، علما ان المغاربة لا يحملون ودا كبيرا لتلك الهيئات المكلفة بإعداد قوائم العفو بسبب غياب الشفافية بشأن من يستوجب في حقهم العفو الملكي .
وأمام موجة التنديد العارم، وأمام الإحساس بالحكرة، وأمام الشعور بأن كرامة المغربي بل الطفل المغربي لم تعد تساوي شيئا، وأمام استحالة التراجع عن العفو عن المجرم دانييل الذي حل بإسبانيا، ينتظر المغاربة أن تصدر عن ملك البلاد مبادرة منصفة لكبريائهم.
فباسم المبادئ الإنسانية وباسم قيم الشرف وباسم المسؤولية الأخلاقية على ملك المغرب محمد السادس القيام بمبادرة تاريخية تتجلى في “تقديم الاعتذار للشعب المغربي”. مبادرة اعتذار سوف يقدرها بالتأكيد المغاربة تقديرا .
الاعتذار في هذا المقام لن يكون انتقاصا ولا تنازلا ، بل سيكون ترميما لكرامة المغاربة التي تصدعت، ويعيد الكبرياء لشعب يشعر بالخذلان نتيجة قرار جرى اتخاذه في عيد العرش الذي يعني بيعة وتعاقد بين الملك والشعب، والبيعة تبقى على قائمة أولوياتها حماية أعراض المغاربة وخاصة المستضعفين منهم. والعفو الملكي عن غالفان يتناقض ومفهوم البيعة. وكل تردد من الملك سيسجله عليه التاريخ بمداد ليس من فخر.