نشر موقع “ذي هيل” مقالا لستيفن بلانك، الزميل في معهد أبحاث السياسة الخارجية الأمريكي قال فيه إن الجزائر هي الصديق الأحدث لموسكو في أفريقيا.
وجاء فيه: إن العدوان الروسي على أوكرانيا ترك تداعيات عالمية وليس أقلها في أفريقيا، فقد جلب إليها صناع السياسة الغربيين الباحثين عن طرق لمواجهة السياسة الروسية في أفريقيا، لكن هذه أظهرت تسامحا مثيرا للدهشة مع السياسة الروسية. كما كشفت عن حاجة الغرب للبحث عن بديل عن النفط والغاز والحاجة للحصول على الحبوب من روسيا وأوكرانيا عبر البحر الأسود.
ولهذا السبب، حسب الكاتب، فقد أصبحت الدول الأفريقية التي لديها ثروات كبيرة من الطاقة، مثل الجزائر، مهمة في لعبة التكالب الجديدة على أفريقيا.
وبرأيه تحاول الجزائر أن تستخدم أهميتها الإستراتيجية، فمن جهة وقعت عقود طاقة ضخمة مع إيطاليا، ومن جهة أخرى علقت التعاون مع إسبانيا بعد إعلان مدريد عن دعمها للمغرب بدلا من الجزائر في النزاع بشأن الصحراء الغربية. وعلاقتها مع فرنسا متوترة بنفس المستوى.
ويقول الكاتب إنه يبدو أن الجزائر تريد الاستفادة من تميزها في الطاقة للحصول على ما تريده في النزاع مع المغرب، البلد الحليف القوي للولايات المتحدة وبات يشتري الأسلحة من إسرائيل. وأقامت الجزائر علاقات مع إيران، ووصف مقال إخباري ناقش سياستها الخارجية بأن موقفها الرسمي هو “عداء إسرائيل”.
ويكتب الكاتب أن هذا التحدي الإقليمي كانت من مصلحة روسيا التي قامت وبثبات بتحسين علاقتها مع الجزائر على مدى السنوات الماضية ومستغلة النزاع حول الصحراء الغربية. وبالتأكيد فاستغلال التنافسات الإثنية- الحدودية هو تقليد طويل لروسيا. ولدى الكرملين علاقة قديمة لعقد صفقات طاقة وأسلحة مع الجزائر. وشاركت قواتهما العسكرية في الفترة الأخيرة بمناورة عسكرية مشتركة قريبا من الحدود المغربية بهدف “البحث عن، الكشف والتخلص” من الجماعات غير الشرعية. وأكثر من هذا، فقد دعا بوتين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لحضور المنتدى الاقتصادي في سانت بطرسبرغ.
ويقول إنه في الوقت الذي ناقشت فيه الحكومتان العلاقات التاريخية وكيفية تحسين التجارة والاستثمار والعلاقات الاقتصادية، فإنهما حاولتا البحث عن طرق لتبادل المعلومات الأمنية والتنقيب المشترك عن الطاقة. وأخبر بوتين تبون بأن الجزائر هي واحدة من أهم ثلاثة شركاء لروسيا في أفريقيا. ويقول الكاتب إن بوتين لم يتحدث من فراغ، فقد حاولت الجزائر تمويل جزء من الاتفاق الروسي- المالي الذي فتح الباب أمام نشر قوة فاغنر منذ 2021.
ويذكر أنه بحسب الأرقام الرسمية، فالجزائر هي ثاني أكبر شريك تجاري لروسيا، كما أنها ثالث مشتر للسلاح الروسي، وتمثل المعدات العسكرية والأسلحة الروسية نسبة 50% من الترسانة العسكرية الجزائرية. ومن الناحية الاقتصادية زادت الجزائر من استيراد القمح وزيت الصويا من روسيا ومن المرجح أنها ناقشت صفقات زراعية أثناء زيارة تبون.
ويضيف أن العلاقة المتنامية بين الجزائر وروسيا أثارت غضب بعض الحكومات الغربية، فقد طالبت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا باربوك الجزائر شجب العدوان الروسي ضد أوكرانيا. وبنفس السياق طالبت رسالة مشتركة من نواب الحزبين في الكونغرس عام 2022 وزير الخارجية أنطوني بلينكن بفرض عقوبات على الجزائر بسبب صفقات السلاح مع روسيا، ودعا السناتور الجمهوري ماركو روبيو، لتحرك ضد الجزائر.
ويقول الكاتب إن التحرك الروسي نحو الجزائر وعبرها إلى منطقة الساحل منحها فرصا ليس لتعزيز أجندتها المعادية للغرب في أفريقيا، بل والزعم أن لديها الدعم الدولي للحرب في أوكرانيا وأكثر من الواقع. كما أن حملة روسيا في أفريقيا تظهر الإهمال الغربي غير المبرر لأفريقيا والمصالح الأفريقية ولعدة سنوات. وليس غريبا محاولة الدول الغربية اللحاق بالركب، وهي بحاجة إلى دبلوماسية حذرة أكثر من التحرك بحسم في المسائل الأفريقية والاهتمام بمصالح دول القارة. وفي النهاية فمحاولات أفريقيا في الجزائر وغيرها تترجم على شكل قواعد عسكرية بحرية وجوية على طول البحر المتوسط والمياه القريبة منه، والجزائر ليست استثناء. وبعيدا عن تعزيز التأثير الروسي في الدول المضيفة، فالهدف من هذه القواعد هو ردع الناتو، ليس في البحر الأسود ولكن في البحر المتوسط وأبعد.
ويذكر في رحلاته هذا العام لكل من الجزائر وإرتيريا، ناقش سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي علنا إنشاء قواعد عسكرية في هذين البلدين، وبشكل واضح لتهديد المصالح الغربية والمياه الدولية.
ويزعم الكاتب في الأخير أن المجاملة الجزائرية لروسيا لا تهدد فقط بنزاعات إقليمية في شمال أفريقيا ولكن بعدها العسكري يفتح المجال لشمل التهديدات الأمنية ضد أوروبا وأبعد منها. ويجب والحالة هذه منح مزيد من الانتباه للمناطق في جنوب أوروبا وأفريقيا، لأن ما يحدث في أفريقيا لا يبقى فيها.