دور إسرائيل في دعم المغرب في نزاع الصحراء محدود التأثير وتسريب الأخبار يهدف الى اختراق الرأي العام المغربي

صورة جماعية يظهر فيها ملك المغرب محمد السادس ورئيس حكومة إسرائيل ينيامين نتنياهو ووسطهما رئيس كندا

سربت إسرائيل مجموعة من الأخبار المتعلقة بدعم المغرب لصفقة القرن واستقبال الرباط لرئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو مقابل اعتراف أمريكي بمغربية الصحراء. وهي أخبار على ضوء طبيعة ملف الصحراء قد تدخل في إطار استراتيجية التغليط التي تمارسها إسرائيل بدعم من مجموعة من الدول العربية لكسب ود الرأي العام العربي والمغربي في هذه الحالة.

 

تسريب وتغليط متعمد

في هذا الصدد، نشرت وسائل الاعلام الإسرائيلية ومنها قناة 13 أخبارا تفيد باستعداد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو التوسط لدى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أجل الاعتراف بمغربية الصحراء، بل وفتح قنصلية أمريكية في مدينة الداخلة أو العيون في الصحراء، مقابل استقباله من طرف الملك محمد السادس.

وقبل هذا التسريب، وقع تسريب آخر كشف عن اقتناء المغرب طائرات بدون طيار من إسرائيل عبر شركة فرنسية علاوة على تصريح نشرته وكالة بلومبيرغ نقلا عن مسؤول مغربي بشأن  مقترح فتح قنصلية أمريكية في الصحراء.

ويركز بنيامين نتنياهو على المغرب كثيرا بحكم رئاسة الملك محمد السادس للجنة القدس والرهان على إحداث اختراق لمنطقة المغرب العربي-الأمازيغي التي لم يتنجح إسرائيل في اختراقها باستثناء كسب ود بعض النشطاء المحدودين من المجتمع المدني.

واستنادا الى معطيات الواقع المتعلقة بملف الصحراء في الساحة الدولية وخاصة كيفية تعاطي الأمم المتحدة والدول الكبرى مع الملف، تبقى هذه الأخبار، وإن كانت هناك مبادرات في هذا الشأن، مجرد استراتيجية تهدف أساسا الى محاولة إسرائيل اختراق الرأي العام المغربي عبر استمالته عبر  بوابة الصحراء التي يعتبرها المغاربة قضية وطنية أولى. وبالتالي تظهر إسرائيل بمثابة المساعد على وحدة المغرب.

وعمليا، توجد مساعدة إسرائيلية تهم المجال العسكري والأمني ومنذ زمن طويل يقف وراءها أساسا اليهود من أصول مغربية، وهي من الملفات التي يجري الكشف عنها بين الحين والآخر. والدعم العسكري الفني الإسرائيلي للمغرب رغم محدوديته هو متقدم بكثير على الدعم السياسي.

 

تأثير إسرائيل محدود في ملف الصحراء

ويؤكد مصدر مغربي مقيم في الولايات المتحدة وخبير بالعلاقات المغربية-الأمريكية ومنها ملف الصحراء لجريدة القدس العربي بأن إسرائيل لا يمكنها ممارسة نفوذ كبير في ملف الصحراء في واشنطن باستثناء تحريك بعض اللوبيات لتليين موقف الإدارة الأمريكية حتى لا تفرض استفتاء تقرير المصير على المغرب. وكانت إسرائيل ضمن أطراف أخرى مثل فرنسا قد تحركت للضغط على الإدارة الأمريكية حتى لا تفرض على المغرب مخطط جيمس بيكر سنة 2003 الذي ينص على الحكم الذاتي لأربع سنوات وبعدما إجراء استفتاء تقرير المصير.

في الوقت ذاته، هناك موقف للدولة الأمريكية العميقة ثابت في ملف الصحراء وهو دعم مساعي الأمم المتحدة بما فيها استفتاء تقرير المصير ودعم الحكم الذاتي في حالة قبول البوليساريو به. ولم يسبق لأي إدارة أمريكية أن تبنت موقف المغرب بل لا يتعدى الأمر تفهم قلق المغرب.  وعادة ما يوجد سياسيون يدافعون عن موقف البوليساريو أكثر من مصالح المغرب، ومن ضمن هؤلاء، وزير الخارجية الأسبق جون كيري ومستشار الأمن القومي السابق جون بولتون. يبقى فتح قنصلية أمريكية في إحدى مدن الصحراء غريب للغاية في وقت لم تقبل واشنطن أن تضم اتفاقية التجارة الحرة الموقعة مع المغرب منطقة الصحراء.

وتدرك واشنطن أنه إذا اعترفت بمغربية الصحراء، ستدفع بعض دول الاتحاد الأوروبي الى الاعتراض بل وستدفع روسيا الى قرارات ستسبب حالة من اللاستقرار في شمال إفريقيا ومنها تسليح البوليساريو بأسلحة متقدمة عبر الجزائر، وسيكون المغرب هو الخاسر.

وكلما جرى الربط بين قضية الصحراء وإسرائيل يكون المغرب هو الخاسر، لماذا؟ في المقام الأول، يجري تدويل الملف عالميا بينما قضية الصحراء غير معروفة بقدر كبير لدى الرأي العام العالمي. في الوقت ذاته، يمتلك العالم صورة سيئة عن إسرائيل بأنها دولة مغتصبة ودولة احتلال، بينما المغرب يقدم نزاع الصحراء وكأنه نزاع سيادي من مخلفات الاستعمار الإسباني والأوروبي عامة في المنطقة. وعليه، كل ربط بين الملفين، يضعف الموقف المغربي في الساحة الدولية.

ولهذا، يبقى أي دعم إسرائيلي للمغرب في نزاع الصحراء محدودا للغاية لن يتعدى تحريك اللوبيات في واشنطن وتقديم الدعم العسكري التقني والفني للمغرب وبعيد كل البعد عن قرار جيوستراتيجي مثل اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء. ويبقى الهدف من الأخبار هو محاولة كسب ود الرأي العام المغربي.

 

المقال من مصدره في القدس العربي

Sign In

Reset Your Password