“ودقت ساعة رحيل ولي العهد السعودي ” هذه هي خلاصة معظم التحاليل الدولية في التعاطي مع تورط الأمير محمد بن سلمان في جريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في أعقاب تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بثقته في تقارير الاستخبارات، وهي التقارير التي تشير الى تورط الأمير. ويضاف إليها موقف دول الاتحاد الأوروبي بتعليق الزيارات الى السعودية.
ويبقى المنعطف هو المتمثل في تصريحات ترامب لجريدة نيويورك تايمز الخميس من الأسبوع الجاري بقوله بالاحتمال الأكيد لمقتل الصحفي خاشقجي يوم 2 أكتوبر الجاري في القنصلية السعودية في اسطنبول وتورط جهات سعودية عليا في الجريمة ثم ثقته في تقارير الاستخبارات والتهديد بعقوبات قاسية. وتقول تقارير الاستخبارات الأمريكية بتورط الأمير محمد بنسلمان في مقتل الصحفي.
في الوقت ذاته، تزامنت تصريحات ترامب مع قرار عدد من قادة أوروبا ومنهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي قال بتجميد الزيارات الرسمية الى السعودية طالما لم يتم التحقيق في مقتل خاشقجي. وتميز الأخير بكتابة مقالات تنتقد قرارات ولي العهد لتحويله السعودية الى دولة لا تطاق بقمعه للحريات بجبروت ودكتاتورية.
وبدأت الدول الغربية تطالب العربية السعودية بتوضيحات مقنعة في جريمة مقتل خاشقجي بعدما اتضح بتنفيذها مجموعة من المسؤولين المساعدين المباشرين لولي العهد محمد بن سلمان، الأمر الذي يؤكد تورطه المباشر في الجريمة علاوة على تسجيلات تتوفر عليها المخابرات الأمريكية تؤكد إشرافه على العملية.
وإضافة الى مطلب التحقيق في الجريمة، قررت الدول الغربية مقاطعة مؤتمر الاستثمار السعودي في الرياض الذي كان يفترض أن يكون من أكبر المؤتمرات العالمية في مجال الاقتصاد خلال السنوات الأخيرة لتنفيذ رؤية ولي العهد 2030، وهي انتقال الاقتصاد السعودي من مرحلة الاعتماد على عائدات النفط الى اقتصاد منتج وعصري.
وجرى الحديث مؤخرا عن اعتراف سعودي بتحميل مساعدين لولي العهد ومنهم الجنرال العسيري مسؤولية التخطيط لعملية القتل، في أفق إنقاذ ولي العهد من هذه الأزمة التي جعلت العربية السعودية تواجه العالم وخاصة الغرب. لكن هذه الرواية لم تعد صالحة ومقبولة في الوقت الراهن، والغالب هو اتهام المنتظم الدولي لولي العهد، وبالتالي نهاية مسيرته السياسية بعد قرارات وصلت الى مستويات إجرامية مثل اعتقال الأمراء ورجال الأعمال والدعاة والاستحواذ على عائدات النفط وتوظيف بعض الأموال مثل شرائ أغلى لوحة في العالم، وشراء أغلى يخب في العالم واقتناء أغلى قصر في العالم.
في غضون ذلك، يبقى الساؤل العريض، في انتظار نهاية محمد بن سلمان، كيف ستعمل السعودية على معالجة مسألة اختيار ولي عهد جديد في أصعب امتحان للمؤسسة الملكية ىل سعود منذ ظهورها.