سيوجه الملك محمد السادس يومه الجمعة خطابا الى البرلمان المغربي في افتتاح دورته التشريعية الجديدة وعبره الى الشعب المغربي. ويأتي خطاب هذه السنة في وقت ارتفع فيها الاحتقان الاجتماعي وبدأت تظهر أشرطة فيديو جريئة تشير الى مسؤولية الملك في تردي الأوضاع. وعاد أمل المغاربة الوحيد بعد فشل مشاريع التنمية وتالاختلاسات التي تشهدها هو تبني الملك استراتيجية محاربة الفساد ووضع حد لنهب ممتلكات الدولة مثل أراضب خدام الدولة وذلك بعدما تحول الفساد الى العالم الذي يهدد الاستقرار.
وعادة ما يثير مضمون الملك ترقبا قبل إلقاءه، ومن ضمن الأمثلة ترقب الرأي العام في خطاب العرش إصدار الملك العفو عن نشطاء الريف المعتقلين في الحسيمة والناضور والدار البيضاء، لكن خطاب الملك في عيد العرش وانطلاقا من الحسيمة لم يلقى الترحيب في شقه بتغليب الأمني في أزمة الريف لاسيما بعد صدور أحاكم قاسية في حق نشطاء وشباب عاديين كان ذنبهم هو المطالبة بالتعليم والصحة والشغل، وجرى تأويل مطالبهم بطريقة ثميرة نحو الانفصال.
ومن خلال استقراء موقف عدد من نشطاء الفايسبوك خلال الأسبوعين الأخيرين حول مضمون الخطاب الملكي المقبل وما يأملونه، قال جزء بعدم حصول الجديد في المقترحات بحكم أنه خطاب يكتسي طابعا بروتوكوليا في أغلب الأحيان عكس خطاب عيد العرش. لكن التجربة، تفيد بتوجيه الملك أحيانا خطابا هاما مثلما حدث منذ خمس سنوات بتنبيهه الى الصعوبات الكبيرة التي يواجهها المغرب في ملف الصحراء.
واعتقد جزء آخر في التركيز على ما هو أمني بحكم تشديده عل الأمن منذ الصيف ما قبل الماضي أو التركيز على الإجراءات الاجتماعية مثل الشغل وقد استبق لذلك بحث رئيس الحكومة سعد الدين العثماني على تقديم برنامج لتكوين وتشغيل الشباب في ظرف ثلاثة أسابيع. لكن في المقابل، فئة أخرى وهي الغالبية تراهن على نقطتين أساسيتين، الأولى وهي محاربة الفساد، والثانية هي أين الثروة؟
وتنتقد الأغلبية الدولة المغربية بسب صمتها غير المفهوم عن ملفات فساد خطيرة ومنها ملف التعليم ونهب الأراضي بما فيه السلالية وممتلكات الدولة أو التحايل على القانون بطرق المافيا مثلما حصل في أراضي خدام الدولة. ويذهب نشطاء المجتمع المدني في تعبيراتهم في شبكات التواصل الاجتماعي مثل الفايسبوك على ربط وثيق بين الفساد والتوزيع غير العادل للثروة في البلاد.
وتوزيع الثروة غير العادل الذي يترجم عبر السؤال الذي طرحه الملك نفسه في خطاب سابق له: أين الثروة النقطة الثانية التي يأمل المغاربة في الملك التطرق إليها بواقعية كبيرة، أي تقديم إجابات وطرح برنامج يمنع الخلل الكبير في استفادة المغاربة من ثروات بلادهم، لاسيما وأن نسبة من الأغنياء اغتنوا بطرق غير سليمة ومنهم موظفو الدولة الذين يطلق عليه “موظفون سامون” وسياسيون منهم وزراء وبرلمانيين.
ويأتي هذا الخطاب في ظل توتر اجتماعي حقيقي من سماته البارزة ارتفاع هجرة المغاربة وخاصة الشباب عبر قوارب الموت نحو اسبانيا بشكل لم يشبق في تاريخ الهجرة منذ ظهور هذه الظاهرة في أواخر الثمانينات، وها هي معطيات رسمية من مدريد تؤكد أن سنة 2018 حطمت رقميا قياسيا في المهاجرين. ويضاف الى هذا، شعارات عدد من المغاربة بالتخلي عن الجنسية، كما يشهد المغرب نزيفا حقيقيا للأطر التي تغادر البلاد نتيجة الفساد وعدم تكافئ الفرص بسبب تغليب الولاءات على الكفاءات.
في الوقت ذاته، يسجل المغرب خلال السنوات الأخيرة أكبر فارق في الطبقية وفي توزيع الثروات بشهادة التقارير الوطنية والدولية دون قيام الدولة بإجراءات ملموسة ومنها محاربة الفساد الذي يبقى أصل هذا الخلل.
ويبقى الجديد الذي يقلق الكثير من الخبراء هو تحميل جزء من الناس الملك مسؤولية ما يجري، وفق الكثير من أشرطة الفيديو في يوتوب، بحكم أن هذا يقع نظرا لضرب الدولة مصداقية الأحزاب والنقابات والصحافة خلال السنوات الأخيرة لتجد الملكية نفسها في مواجهة الناس.
وهناك سيناريوهات تطورت الى الأسوأ ومنها ما يجري الآن في الأردن، حيث تأسست لجنة وطنية لإنقاذ البلاد من التردي التي تسبب فيه الملك عبد الله الثاني بسبب خرقه المستمر للدستور وسماحه بظهور طبقة من المحيطين به همهم هو النهب والاختلاس.