صال وجال وزير الاتصال المغربي مصطفى الخلفي في بعض القنوات الدولية مدفوعا بحماسة غير مبررة وبحمية مجهولة المصدر، متحديا جميع خبراء العالم والمؤسسات الحقوقية وكبريات الجرائد، بتأكيده على أن ما أقدم عليه الزميل علي أنوزلا بنشره مقالا ورابطا حول شريط تنظيم القاعدة يعتبر جرما يستحق عقاب الدنيا قبل الآخرة.
ورغم ارتفاع أصوات مغربية عليمة بموضوع العلاقة بين تغطية الإعلام والإرهاب، وتدرك جيدا الفرق بين ممارسة إعلامية ضمن الإخبار كالتي أقدم عليها الزميل علي أنوزلا وبين الإشادة بالإرهاب، إلا أن الوزير رأى في الأمر شرا مستطيرا و اعتصم بموقفه اعتصاما، واعتقد أن منصب الوزير سيجعل تخريجه للنازلة على هوى السلطة قدر ا مقدروا، لا يأخذه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه.
وتأتي افتتاحية جريدة الواشنطن بوست وتكتب في عدد الأربعاء “ما أقدم عليه علي أنوزلا مدير لكم يعتبر ممارسة مشروعة تماما في الصحافة”. وقد يكون السيد وزير الإعلام والاتصال معنيا أكثر من غيره أمام خرجاته الإعلامية بما أفتت به الواشنطن بوست ليقرأ في ضوئه حكمه. وبالاستناد إلى تراتبية قوة الدليل في القياس ” وحجية سلطة مصدر الحكم” وهي هنا الواشنطن بوست الضاربة جذورها في تاريخ الممارسة الإعلامية الديمقراطية، ومع الأمل في ان تكون حمية الناطق الرسمي باسم الحكومة قد خفت وانتصرت للحكمة، ان يعمل العقل والقياس ويقر بناء على ذلك بحكم اخر للنازلة تستمد صدقيتها من سند تقاليد الإعلام الراسخة في التقدم وفي قوانين بلد ترعرعت فيها الوسنطن بوست.
وقد يكون مناسبا للسيد الخلفي أن يتذكر والذكرى تنفع المؤمنين، أن حقيبة وزير الاتصال أو الإعلام في البلدان المتطورة ديمقراطيا لا يكون مدعاة للفخر، بل تستحي أن يكون في سلطتهم وحكومتهم وزير إعلام.
ولعلم الناس والسيد الوزير الذي مر صحفيا واليوم هو وزير للإعلام، فالواشنطن بوست تعد واحدة من أقدم وأعرق الجرائد الأمريكية، ساهمت بقدر كبير في إرساء قواعد ممارسة المهنة الصحفية علميا. وكل افتتاحية تسطرها تتم بعد استشارة فقهاء القانون التابعين للمؤسسة. وعندما تؤكد جريدة من هذا الحجم والتي تسببت في استقالة أول رئيسي أمريكي في التاريخ ريتشارد نيكسون بعد فضيحة واترغيت، أن ما أقدم عليه علي أنوزلا يعتبر ممارسة مشروعة إعلاميا، ماذا بقي لوزير الاتصال مصطفى الخلفي من قول فصل.
يحدث هذا في دولة العم السام التي تتوفر على ترسانة متقدمة في قوانين الإرهاب وأشرفت على المساعدة في تسطير قانون الإرهاب المغربي (نعم فعلت ذلك)، بل لم تتردد وزارة الخارجية الأمريكية في الإعراب عن قلقها بما تقوم به السلطات المغربية ضد علي أنوزلا في تصريح لناطقة باسمها ليلة الأربعاء.
وإذا لم يراجع السيد الخلفي وهو و زير الاتصال في حكومة أفرزتها أنتخابات تشريعية حجم المشاركين فيها “29%” ، حكمه بشأن “نازلة انوزلا”، فمعناه ان الجمعيات الحقوقية الدولية والواشنطن بوست بخصوص علاقة الإرهاب بالإعلام هي أقل علما وخبرة من “العلامة” الوزير، ولن يصدقه في هذه حتى ثلق المغاربة الذين شاركو في انتخاب حكومته. وفي هذه،نعم صحيح، سوف يكون الخلفي يرسخ أمر الاستثناء المغربي.