تم استبعاد الصحافة المغربية خلال زيارة الملك محمد السادس الى البيت الأبيض الأسبوع الماضي، وهذا الموقف من الصحافة المغربية يطرح أكثر من تساؤل حول هو موقف سلبي من الملك تجاه الصحافة أم عداء نابع من محيطه. وفي كلتا الحالتين تبقى مصالح المغرب هي المتضررة لاسيما في ظل فشل الزيارة الملكية على المستوى الإعلامي.
واستغرب الصحفيون المغاربة، ومن ذلك مقال في جريدة كود الرقمية اليوم الاثنين، وكذلك صحفيون دوليون بل حتى قسم التواصل في البيت الأبيض الأمريكي، وفق معلومات ألف بوست، من عدم مرافقة الصحافة المغربية للملك على الرغم من الأهمية التي تكتسيها هذه الزيارة بالنسبة للمصالح العليا للمغرب. وعادة ما يفارق الملوك ورؤساء الدول بل وحتى رؤساء الحكومات جيش من الصحفيين لاسيما الى دولة ذات ثقل وزان في العالم مثل الولايات المتحدة.
ورافق الملك وسائل الاعلام الرسمية وكالة المغرب العربي للأنباء والقنوات الرسمية التي تعكس مسبقا المواقف الرسمية للملك. وتبقى المفارقة أن الملك ومحيطه قاما بتهميش الصحافة المغربية في زيارة الى دولة مثل الولايات المتحدة يلعب فيها الإعلام دورا مركزيا، وفي دولة تعتبر الصحافة مقياسا للحرية، ومن ضمنها تدخل وزارة الخارجية الأمريكية في كل الاعتقالات التي مست الصحفيين المغاربة وآخرهم تدخلها في ملف الصحفي علي أنوزلا.
المؤسسة الملكية ومحيطها يرتكبان خطئا فادحا بتهميش الصحافة الذي لا يمكن تفسيره حتى بالاستثناء المغربي. فمن جهة، هذا التهميش يعطي صورة غير مرحب بها أمام الرأي العام الدولي في بلد يؤكد أنه الاستثناء وأنه يبني الديمقراطية بينما يعادي ويهمش الصحافة، ومن جهة أخرى، يترك الصحافة التي لا تؤمن بصحافة “العام زين” التي تمثلها وسائل الاعلام الرسمية تبحث عن الخبر في مختلف المنابر الدولية بما يشكله ذلك من إمكانية السقوط في الأخطاء عن غير قصد. فهل يبحث النظام عن تعاطي إعلامي واحد وموحد للزيارة الملكية؟
وعلاقة بالتواصل والصحافة، فالزيارة الملكية الى البيت الأبيض أبرزت قصورا كبيرا لدى المحيط الملكي في التعامل مع الإعلام دوليا وقصورا مهولا في فهمه للتواصل الدولي والوطني.
فقد فشل المحيط الملكي في تسويق زيارة الملك الى الولايات المتحدة بسبب عدم توفره على علاقات مع الصحفيين الأمريكيين، وغابت الزيارة في كبريات وسائل الاعلام مثل نيويورك تايمز والواشطن بوست والقنوات الأمريكية الكبرة مثل سي إن إن باستثناء فوكس نيوز، بل لم يكلف البيت الأبيض نفسه حتى نشر صورة وخبر لزيارة الملك ولقاءه بأوباما في الموقع الرسمي للبيت الأبيض.
ومن الصعب أن تحضر هذه الزيارة في وقت يلتزم فيه الملك محمد السادس الصمت ويرفض التحدث للصحافة الدولية أو إعطاء محاضرات في الجامعات الأمريكية والاجتماع برئاسة هيئات التحرير للجرائد الأمريكية الكبرى كما فعل ملك اسبانيا خوان كارلوس وملك الأردن عبد الله الثاني، أو زعماء آخرين مثل رئيس حكومة تركيا طيب رجب أردوغان.
كيف يعقل أن المغرب الذي يفترض أنه يشكل الاستثناء في العالم العربي في الربيع العربي ومقدمة لمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي وأول من اعترف بالولايات المتحدة الأمريكية لا تتحدث وسائل الاعلام الأمريكية عن زيارة لأعلى سلطة فيه، وهو الملك؟ الجواب هو قصور في فهم التواصل ودور الإعلام في وقت أصبح الإعلام لا يقل تأثيرا عن العمل الدبلوماسي. إن لم يكن يتجاوزه في بعض الأحيان.