تعتزم الحكومة المغربـــــية الحجز على الحسابات المصرفية، للشركات والأشخاص المتخلفين عن تســديد الضرائب والرسوم والاشتراكات لحساب الخـــزينة أو صنــدوق الضمان الاجتماعي أو مصالح الضرائب. وأثارت هذه الخطوة جدلاً حول جدوى مثل هذه الإجراءات، في وقت تشهد المصارف المغربية شحاً في الموارد النقدية يتجاوز 80 مليار درهم (نحو عشرة ملايير دولار).
وأعلن وزير المال والاقتصاد المغربي محمد بوسعيد، أن «تحصيل الديون العامة بواسطة الإشعار لغير الحائز (أ دي تي)، يسعى إلى إزالة سوء الفهم بين الإدارة والملزمين من خلال زيادة الضمانات القانونية، منها إعطاء الملزم بالضريبة أجل شهرين لتسديد ديونه، تُضاف إليها عشرة أيام يُبلّغ خلالها عبر البريد العادي والإلكتروني والرسائل القصيرة، بنية الإدارة الضريبية اعتماد تحصيل الديون العامة من حسابه الشخصي بواسطة الإشعار لغير الحائز».
وأشار إلى أن الاقتطاعات من أجور الموظفين والعمال وتعويضاتهم «لن تتجاوز 40 في المئة من الراتب الصافي، ويمكن إدارة الضرائب إرجاع المبالغ المستخلصة في حال أي خطأ من الإدارة في فترة أقصاها 48 ساعة».
ووقعت وزارتا المال والاقتصاد والعـــمل والــــشؤون الاجـتـمـــاعــية و«اتحاد مقاولي المغرب» (سي جي أم) و«المجموعة المهنية للمصارف» والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، اتفاقاً يقضي بتفعيل إجراءات تحصيل الديون من الحسابات المصرفية. وسيُبلّغ الخاضعون للضريبة بتفاصيل الإجراء عبر وسائل الإعلام، لحضّ الملزمين على تسديد مستحقاتهم الضريبية، والسماح للمصارف بالاقتطاع مباشرة من الحسابات الشخصية في حال التأخير.
وتقدر قيمة الديون الضريبية الهالكة نحو 30 بليون درهم معظمها لحساب البلديات. وترغب الحكومة في تحصيل اكبر قدر منها خلال العامين المقبلين بما يمكّن من خفض عجز الموازنة إلى ما دون 5 في المئة من الناتج المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، وتجنب الاستدانة الداخلية والخارجية التي تجاوزت 60 في المئة من الناتج.
وتتخوف مجموعات برلمانية معارضة من الانعكاسات السلبية لمثل هذه الإجراءات على النشاط المالي والمصرفي المغربي، والتأثير في سرية الحسابات الشخصية التي يكلفها الدستور الجديد للمغرب. واعتبرت أطراف أن هذه القرارات غير قانونية، ورأت ضرورة أن يصدر أمر قضائي لمباشرة التحصيل من الحاسبات الشخصية، خصوصاً أن مشكلة التأخر في التسديد تعود إلى خلافات مع مصالح الضرائب التي تمارس أحياناً تعسفاً مالياً على الملزمين تفوق قيمة المبالغ المستحقة قانوناً.
ويملك نحو 14 مليون شخص حسابات مصرفية، وتقدر قيمة الأموال المودعة بنحو 800 بليون درهم، مع احتمـــال سحــــب جـــزء من الودائع خوفاً من الحجز عليها.
أزمة سيولة
وتعاني المصارف المغربية شحاً واضحاً في السيولة بسبب تراجع حجم الودائع والاستعمال المفرط للموارد المالية المتاحة لتمويل عجز الموازنة، ما يحرم القطاع الخاص من موارد كافية للاستثمار والتوسع وتوفير مزيد من فرص العمل للشباب.
وأورد تقرير لمديرية التوقعات في وزارة المال والاقتصاد، أن الكتلة النقدية تراجعت إلى 998 بليون درهم مطلع العام الحالي بنمو لم يتجاوز 2.7 في المئة بعدما كان التطور النقدي سجل 3.4 في المئة العام الماضي. وقُدرت قروض المصارف للأشخاص والشركات بنحو 723 بليون درهم، بنمو لم يتجاوز 3 في المئة، في مقابل 4 في المئة العام الماضي. ويُعزى ذلك إلى تراجع القروض الممنوحة للقطاع العقاري وانحسار حجم قروض الاستهلاك، نتيجة تباطؤ الاقتصاد في الربع الأول من هذه السنة.
وأفاد التقرير بأن الوضع الاقتصادي والمالي لا يساعد في تحسن اداء المصارف التجارية التي تسجل شحاً في الموارد، يُموّل عبر تدخل المصرف المركزي الذي يمنح تسليفات أسبوعية بقيمة 52 بليون درهم. وكانت الخزينة العامة طرحت سندات بقيمة 49 بليون درهم في الربع الأول من السنة، وهو مبلغ اقتُطع من السيولة النقدية المصرفية. وتُقدر قيمة سندات الخزينة بنحو 426 بليون درهم، وهي تفوق نفقات الموازنة العامة لسنة كاملة.
وتسعى الحكومة إلى اعتماد الضريبة وسيلة لمعالجة خلل الحسابات الكلية تحت ضغط واضح من صندوق النقد الدولي، الذي يربط بين دعمه للاقتصاد المغربي (نحو 6.2 بليون دولار) وبين زيادة الضرائب ورفع الدعم عن الأسعار، وتقليص النفقات والوظائف وخفض المعاشات، وهي إجراءات غير شعبية وتلاقي انتقادات حادة.