لا شك أن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون -وهو الذي دأب علي المطالبة بتخفيضات جذرية في الإنفاق العسكري العالمي لصالح التنمية المستدامة- قد أصيب بخيبة أمل كبري لدي إطلاعه علي أحدث تقارير “معهد إستوكهولم المعهد الدولي لبحوث السلام” (سيبري) عن سباق التسلح في العالم.
فقد أفاد التقرير الصادر عن المعهد في منتصف الشهر الجاري، بأن الانخفاض في الإنفاق على التسلح في الغرب، تقابله زيادة في النفقات العسكرية من قبل الدول النامية، وهي التي تعتبر كبري الأطراف المستحقة للحصول علي مساعدات التنمية.
وأجاب الدكتور سام بيرلو فريمان -مدير برنامج الإنفاق العسكري في معهد “سيبري”- علي سؤال لوكالة إنتر بريس سيرفس، عن ما إذا كانت هناك أي آفاق في المستقبل لعكس هذا التوجه، قائلا: “في الوقت الحاضر، هناك احتمال ضئيل جدا، أو منعدم، لمسارات واسعة النطاق لتحويل الموارد من الإنفاق العسكري إلى الإنفاق على التنمية البشرية والاقتصادية”.
ففي عام 2013، جاءت ثماني دول غير غربية علي قائمة أكبر 15 دولة أنفقت علي التسلح، وهي: الصين، وروسيا، والمملكة العربية السعودية، والهند، وكوريا الجنوبية، والبرازيل، وتركيا، والإمارات العربية المتحدة.
وفي المقابل، جاءت الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا، وأستراليا -بالإضافة إلى اليابان- ضمن البلدان الغربية الواردة علي قائمة أكبر 15 دولة من حيث الإنفاق علي التسلح، في حين تغيبت كندا عن هذا القائمة في عام 2013 بعد أن كانت مدرجة عليها.
وحذر الخبير بيرلو فريمان، من أن الزيادة في الإنفاق العسكري في البلدان النامية مستمرة بلا هوادة، شارحا أنه “في بعض الحالات هي نتيجة طبيعية للنمو الاقتصادي أو استجابة لاحتياجات أمنية حقيقية، ولكنها في حالات أخرى تمثل إهدارا لإيرادات الموارد الطبيعية، وهيمنة الأنظمة الاستبدادية، أو سباقات تسلح إقليمية صاعدة”.
هذا ولقد بلغ إجمالي الإنفاق العسكري العالمي 1،75 تريليون دولار في عام 2013، بنسبة انخفاض قدرها 1.9 في المئة، بالقيمة الحقيقية، منذ عام 2012، وفقا لتقرير المعهد.
هذا الفارق في المجموع العالمي يأتي من إنخفاض الإنفاق العسكري في دول غربية وعلى رأسها الولايات المتحدة. لكن إجمالي الإنفاق العسكري في بقية أنحاء العالم قد إرتفع بنسبة 1.8 في المئة في تلك الفترة.
في هذا الشأن، سارع الامين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بالتحذير بأن العالم ينفق علي السلاح في شهر واحد، أكثر مما ينفقه على التنمية طوال عام كامل.
وأضاف أن “أربع ساعات من الإنفاق العسكري تساوي مجموع ميزانيات كافة المنظمات الدولية لنزع السلاح وعدم إنتشار الأسلحة… مجتمعة”.
وبيت القصيد: العالم مفرط في التسلح وعاجز في تمويل السلام، وفقا للأمين العام للأمم المتحدة، الذي أضاف أن الميزانيات العسكرية المتضخمة تعزز انتشار الأسلحة، وتعطل الحد من التسلح ونزع السلاح، وتنتقص من التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وبدوره، ندد خبير بالأمم المتحدة بقوة، في الأسبوع الثاني من الشهر الجاري، بارتفاع نفقات التسلح، وذلك بمناسبة يوم العمل العالمي حيال الإنفاق العسكري. ودعا هذا الخبير المستقل التابع للامم المتحدة، ألفريد دي زاياس، جميع حكومات العالم “لإطلاع الشعوب علي النفقات العسكرية، وتبريرها”.
وقال: “يجب أن تُشمل كل الديمقراطيات، المجتمع المدني في عملية وضع الميزانيات، ويجب التشاور مع جميع قطاعات المجتمع لتحديد الأولويات الحقيقية للسكان”.
وأضاف أن جماعات الضغط -بما في ذلك المتعاقدين العسكريين وغيرهم من ممثلي المجمع الصناعي العسكري- يجب ألا يسمح لها بخطف هذه الأولويات على حساب الاحتياجات الحقيقية للأهالي