في تطور دبلوماسي مثير، أقدم المغرب الثلاثاء من الأسبوع الجاري على قطع العلاقات مع إيران على خلفية تسهيل علاقات بين حزب الله اللبناني مع جبهة البوليساريو، ويتعلق الأمر “بتدريبات عسكرية وحفر أنفاق” أشارت لها الصحافة المغربية منذ أيام، لكن حزب الله ينفي ويعطي للقرار بعدا سياسيا من خلال قوله بأن المغرب خضع لضغوط أمريكية وإسرائيلية وسعودية.
وكان المغرب وإيران قد استأنفا العلاقات بينهما منذ ثلاث سنوات بعد مقاطعة امتدت خمس سنوات بسبب ملف البحرين، ورغم استئناف العلاقات فقد بقيت باردة الى مستوى جامدة لأن الرباط لم تكن مرتاحة لآفاق العلاقات مع طهران لأسباب متعددة منها التعاون الصاروخي بين هذا البلد والجزائر.
ويقرر المغرب الثلاثاء من الأسبوع الجاري قطع العلاقات الدبلوماسية نهائيا مع طهران، ومن ضمن التبريرات لهذ القرار ما صرح به وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة للصحافة أن سبب هذه الخطوة هو انخراط حزب الله اللبناني المدعوم من إيران في علاقة مع البوليساريو، وتهديد ذلك لأمن البلاد واسقراره”. وأوضح أن “المغرب يمتلك أدلة على تمويل قياديين بحزب الله للبوليساريو، وتدريب عناصر من البوليساريو”. وتابع، “الرباط لديها معلومات تفيد بإقدام دبلوماسيين بالسفارة الإيرانية في الجزائر على تسهيل عملية لقاء قياديين بحزب الله بقياديين بالبوليساريو”.
وجاءت تصريحات بوريطة مباشرة بعد عودته من طهران، حيث التقى نظيره الإيراني جواد ضريف وأبلغه بقرار الرباط قطع العلاقات. ولا يبدو أن بوريطة انتقل الى طهران لإبلاغ ضريف بقطع العلاقات بل ربما بحث الموضوع مع الإيرانيين وكان ردهم سلبا.
وكانت الصحافة المغربية قد نقلت عن مصادر رسمية منذ أيام خبر قيام جبهة البوليساريو بحفر أنفاق بالقرب من الجدار العازل في الصحراء لاستعمالها في حالة استئناف الحرب بين المغرب والبوليساريو. وكتبت جريدة الصباح أن هذا المخطط يسمى “المظلة الصامدة” وجرى تحت إشراف عناصر من حزب الله.
ولم يتأخر حزب الله في الرد على اتهامات المغرب. وكان رده سياسيا وجاء في البيان “تعليقاً على القرار المغربي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران وحول مزاعم وزير خارجيتها بقيام حزب الله بدعم وتدريب جبهة البوليساريو، ينفي حزب الله هذه المزاعم والاتهامات جملة وتفصيلاً”. واعتبر أنه “من المؤسف أن يلجأ المغرب بفعل ضغوط أمريكية وإسرائيلية وسعودية لتوجيه هذه الاتهامات الباطلة” لافتاً إلى أنه “كان حرياً بالخارجية المغربية أن تبحث عن حجة أكثر إقناعاً لقطع علاقاتها مع إيران”.
وتعود شكوك المغرب بعلاقات حزب الله مع البوليساريو الى سنتين، وفي حالة صحة هذه العلاقات، قد تكون الاستخبارات المغربية قد رصدت هذه العلاقات أو توصل المغرب بتقرير من استخبارات صديقة يرصد هذا التطور العسكري الذي يعتبره منعطفا حقيقيا ومقلقا بحكم تجربة حزب الله في الحرب وخاصة مواجهة الجيوش الكلاسيكية وأساسا جيش إسرائيل.
ويتميز حزب الله عسكريا بوضع مخططات حربية تقوم على شكل جديد من حرب العصابات وهي حرب لمجموعات الصغيرة جدا من شخصين الى خمسة أشخاص لضرب العتاد العسكري الكبير مثل الدبابات والمدرعات. والتسلل الى ما وراء خطوط المواجهة. وكانت حرب العصابات الصغيرة جدا هي التي ساعدت حزب الله على مواجهة إسرائيل سنة 2006. وإذا كانت عناصر البولسيساريو قد تلقت تداريب من حزب الله على هذه التقنيات الحربية، فهذا يعني أنها قد تخلق للجيش المغرب الكثير من المشاكل الحربية.