قررت حركة 20 فبراير العودة الى التظاهر في مدن المغرب وخاصة العاصمة الرباط ضد غلاء المعيشة والاستبداد. وتأتي دعوتها في وقت تعتزم تطوير أداءها الإعلامي، حيث تعتبر من حركات الربيع العربي القليلة في العالم العربي التي فشلت في استخدام الإعلام.
ويأتي تحرك 20 فبراير بعد جمود لأسابيع، وتساهم تطورات الربيع العربي خاصة في مصر في إحياء العزيمة لهذه الحركة، وكذلك توجسها من حركة تمرد التي ظهرت في المغرب مؤخرا وتحاول تكرار السيناريو المصري المتمثل في حركة “تمرد” التي قادت احتجاجات 30 يونيو وأسفرت عن إقالة الرئيس محمد مرسي.
وستخرج حركة 20 فبراير بالشعارات نفسها السابقة، لكن يبقى الجديد هو الوعي بأنه بدون استراتيجية إعلامية محليا ووطنيا من الصعب تعزيز وجودها وتحريك الشارع والتواصل بشكل أفضل مع الرأي العام.
في هذا الصدد، كانت أول توصية صدرت عن اللقاء الوطني التشاوري المنعقد في الرباط يوم 6 يوليوز الجاري متعلقة بالإعلام وتنص على ما يلي:
” تطوير وتقوية إعلام حركة 20 فبراير محليا ووطنيا وإبداع أشكال التنسيق والتواصل الوطني بين مناضلي/ت 20 فبراير، وبينهم وبين أبناء الشعب المغربي محليا”.
ويبرز تاريخ علوم الإعلام أن وسائل الاعلام تعتبر من العوامل الرئيسية في إحداث التغيرات المجتمعية العميقة. وقدم الباحث المرموق مارشال مكلوهان في كتابه “مجرة غوتنبرغ” دراسة واسعة في هذا المجال. وهذا العامل يتعاظم منذ بداية القرن الواحد والعشرين بفضل الإنترنت وبرامج التواصل الاجتماعي التي تقدمها مثل الفايسبوك ويوتوب وسهولة إصدار الجرائد الرقمية، مما جعل كل فرد وكل جماعة قادرة على إنتاج خطابها والتواصل مع الآخر.
ومن باب المقارنة ودراسة موقع حركة 20 فبراير في الفايسبوك وفي الإنترنت على شاكلة بلوغ مع باقي الحركات في العالم العربي، يتضح أنها الأكثر تخلفا على مستوى التواصل وهو ما يظهر جليا غياب خلية إعلامية نشيطة تتولى التواصل مع الرأي العام الوطني ووسائل الاعلام الوطنية والدولية.
ومن مظاهر ضعف هذا التواصل عدم تحيين الموقع بالمعطيات والبيانات، الأمر الذي يجعل، في عصر سرعة الخبر، كل نشر متأخر لهذه البيانات فاقد للأهمية الإعلامية لاسيما وأن الساحة الإعلامية تشهد “تخمة” الأخبار”.
وعلاقة بهذا، تنظم 20 فبراير تظاهرات بين الحين والآخر، ولا تقوم الحركة ببث الصور المناسبة لهذه التظاهرات ولا تقديم معطيات كافية حول نوعية الشعارات وعدد المشاركين، بل تترك الأمر لوسائل إعلام رسمية تتحدث فقط عن “تظاهر العشرات”.
ويبقى غياب الصور وأشرطة الفيديو مفارقة مثيرة لأن نسبة لا بأس بها من المشاركين في التظاهرات تمتلك هواتف نقالة تسمح بجودة لإنجاز الأشرطة والصور، كما أن نسبة عالية من شباب المغرب تستعمل الإنترنت.
ويشكل ضعف توظيف حركة 20 فبراير للإعلام من العوامل الرئيسية التي ساهمت في انحصار إشعاعها رغم توفر كل شروط الاحتجاجات في المغرب من غياب ديمقراطية حقيقية وغلاء المعيشة وارتفاع العطالة.