مع غروب شمس كل يوم، تنطلق مئات الحمير من مدينة وجدة، أقصى شرق المغرب، حاملة قنانى زرقاء كبيرة لملئها بالوقود المهرب من الجزائر التى شددت الخناق على هذه التجارة، مسببة أزمة اقتصادية واجتماعية للمغرب.
ويرافق عشرات الشباب وبينهم قاصرون تلك الحمير عبر حقول ومسالك غير معبدة فى رحلتها بين حدود البلدين المغلقة، لتعود فى وقت متأخر من الليل والقنانى مملوؤة بالوقود.
ويقول أحد الشباب لفرانس برس، وعلامات الخوف بادية على وجهه “لقد أطلق الجيش الجزائرى النار على بعض الحمير التى كانت محملة بالوقود فماتت واشتعلت فيها النيران”، ويضيف “لحسن الحظ أننا لا نرافق الحمير حتى آخر نقطة على الحدود، فهى تعرف طريقها وتستطيع ان تذهب وتأتى وحدها”.
وتشن السلطات الجزائرية منذ يوليو الماضى حملة مكثفة على مهربى المحروقات، كما نهجت سياسة “التسقيف”، اى تحديد السقف المسموح به لملء خزانات الوقود داخل محطات التزود فى الولايات الحدودية.
وكشف وزير الطاقة والمناجم الجزائرى، يوسف يوسفى، قبل أيام ان الجزائر تخسر 1,3 مليار دولار سنويا، بسبب تهريب حوالى 1,5 مليون لتر من المواد المكررة، لكن حملة مكافحة التهريب حققت نتائج جيدة.
وأكد الوزير ان 600 ألف سيارة فى تونس والمغرب خاصة تسير بالوقود الجزائرى المدعم.
ورغم ان الجزائر بلد بترولى الا انه لا يحقق الاكتفاء الذاتى من الوقود وخاصة المازوت (الكازوال)، الذى يستورد حوالى 2,5 مليون طن من هذه المادة.
ويتحدث المهربون الذين يعبرون الحدود يوميا لفرانس برس عن شروع الجزائر لأول مرة فى حفر خندق عميق بين البلدين لمنع “المقاتلات”، وهى السيارات المخصصة لتهريب المحروقات، من العبور بين البلدين.
ومع تناقص الكميات المهربة ارتفع الثمن، حيث ارتفع ثمن القنينة الزرقاء الكبيرة (30 لترا) من المازوت الجزائرى من 90 درهما (8 يورو) إلى 250 درهما (22 يورو)، فيما ارتفع ثمن قنينة البنزين من 150 (13 يورو) إلى 340 درهما (30 يورو).
وتشهد المنطقة نقصا حادا فى عدد محطات التزود بالوقود، فمدينة وجدة التى يقارب عدد سكانها 600 ألف نسمة، لا يوجد فيها سوى 13 محطة فقط بما فيها تلك التى اعيد تشغيلها للتخفيف من الأزمة.
ورفعت حصة وجدة من الوقود المغربى ب700 طن يوميا لسد النقص، بعدما كانت الرباط شبه معفية من تزويد المنطقة الشرقية التى يفوق عدد سكانها اليوم المليونى نسمة، بالوقود المدعم الذى يستنزف ما يقرب من 90% من أموال الدعم (6,6 مليار دولار).
وهو ما يعنى عمليا ارتفاع حجم أموال الدعم المخصصة لصندوق المقاصة، الذى تقول الحكومة المغربية انه تسبب فى عجز بلغ خلال 2012 نسبة 7,3%.
وأغلقت الحدود البرية بين الجزائر والمغرب فى أبريل 1994، بعد قرار المغرب فرض التأشيرة على الرعايا الجزائريين، عقب تفجير فندق “أطلس آسنى” فى مراكش، الذى اتهمت الرباط الاستخبارات الجزائرية بالوقوف وراءه.