وضعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ملفاً لدى ممثلية الأمم المتحدة في الرباط للمطالبة بتصفية الاستعما في مدينتي سبتة ومليلية والجزر بما فيها جزر الكناري. وهو قرار يثير قلق مدريد وترقب الرباط من إقدام جمعية مدنية على مبادرة من هذا النوع.
وكان رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي من أكبر الجمعيات الحقوقية في العالم العربي وأفريقيا، عزيز غالي، قد صرح خلال مارس الماضي بعزم الجمعية طرح مسألة تصفية الاستعمار في سبتة ومليلية والجزر. وكشف أن الجمعية ستقدم على هذه المبادرة رفقة حزب النهج الديمقراطي، وهو حزب ماركسي لينيني انبثق عن تنظيم “إلى الأمام”.
وبالفعل، خلال الخميس الماضي، وضعت الجمعية المغربية ملفا لدى ممثلة الأمم المتحدة في الرباط يتضمن طلبا بضرورة إحالة الملف على لجنة تصفية الاستعمار. ويقول البيان القصير الصادر بهذه المناسبة: “يخبر المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن وفدا منه قام يوم الخميس 29 فبراير 2024، بوضع رسالة لدى ممثلية الأمم المتحدة بالرباط، موجهة لرئيسة لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار (اللجنة الرابعة)، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، تطالب فيها الجمعية إدراج موضوع الأراضي المغربية التي لا زالت الدولة الإسبانية تحتلها على جدول أعمال اللجنة، من أجل إنهاء الاستعما الإسباني للغثور المغربية المتمثلة في مدينتي سبتة ومليلية المطلتين على البحر الأبيض المتوسط، والجزر الجعفرية وجزيرة ايسلي (ليلى) والنكور وبادس المحاذية لشواطئ منطقة الريف بإقليم الحسيمة، وجزر الخالدات (الكناري) الواقعة في المحيط الأطلسي؛ وذلك في إطار دور اللجنة الرابعة في تثبيت حقوق الشعوب في تقرير مصيرها والسيادة على أراضيها”.
وجاء تقديم الطلب أسبوعا واحدا بعد الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إلى الرباط، واستقباله من طرف الملك محمد السادس. وتناولت الصحافة الإسبانية الخبر بنوع من الدهشة، فهي كانت تنتظر مصادقة المغرب على فتح معبري سبتة ومليلية أمام التجارة بشكل رسمي، لكنها تفاجأت بهذا المستجد.
ولا يمكن للصحف الإسبانية اتهام الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بأنها أداة في يد الدولة المغربية، بحكم أن هذه الجمعية تتبنى موقفا يختلف نسبيا في ملف الصحراء بالتأكيد على الحل الديمقراطي الأممي. في الوقت ذاته، فإن تقاريرها حول حقوق الإنسان في المغرب تقلق كثيرا الرباط لاسيما في المنتديات الدولية.
وبالعودة إلى أدبيات الجمعية الحقوقية، فقد أشارت في مناسبات سابقة في مؤتمراتها إلى ملف سبتة ومليلية والجزر المحتلة، وهذا لا يعني أن الموضوع جديد. ولم تتخلَ الدولة المغربية عن المطالبة باستعادة المدينتين والجزر، إلا أن الجمعية أضافت استعادة جزر الكناري.
وكانت هذه الجزر تحتوي على حركة سياسية تطالب بخروج إسبانيا، وكان الاتحاد الأفريقي وقتها يؤيد هذا المطلب. ولن ترى الرباط بعين الارتياح هذه المبادرة لأنها تأتي في وقت تريد فيه إقامة علاقات متينة مع مدريد بما في ذلك تجميد ملف المطالبة بسبتة ومليلية والجزر.
وتؤكد مصادر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن تصفية الاستعمار لا ترتبط بنوعية العلاقات القائمة بين البلدين، فهو مطلب حاضر بشكل دائم وليس موسميا. وتمتلك الجمعية علاقات واسعة مع جمعيات حقوقية وتيارات يسارية في أفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية، وقد تتلقى الدعم لهذه المبادرة.