أصدرت جمعية الريف لحقوق الإنسان بيانا تحذر فيه من المقاربة الأمنية والإعلامية التي يعاني منها المهاجرون غير النظاميين وكذلك طالبي اللجوء. ويطالب البيان بمقاربة إنسانية بعيدا عن التوظيف السياسي وتوافق القوانين والتشريهات الدولية، نص البيان:
طالعنا في جمعية الريف لحقوق الإنسان الخلاصات و التوصيات الصادرة في التقرير الموضوعاتي حول الهجرة و اللجوء الذي أنجزه المجلس الوطني لحقوق الإنسان تحت عنوان “الأجانب وحقوق الإنسان بالمغرب: من أجل سياسة جديدة في مجال اللجوء والهجرة “، و الذي جاء في مرحلة ارتفعت فيها مجددا وتيرة الحملات التمشيطية لإيقاف المهاجرين غير النظاميين المتحدرين من بلدان جنوب الصحراء، و التي تشهدها العديد من المدن و الغابات المحيطة بكل من سبتة و مليلية و وجدة، بما يرافق ذلك من خروقات سبق للجمعيات الحقوقية على المستوى الوطني و الدولي أن رصدتها عبر بلاغاتها و تقاريرها، و كذا تسجيلها لاستمرار حالات الوفيات في صفوف هذه الفئة من المهاجرين، سواء غرقا في البحر إثر محاولات المرور إلى الضفة الجنوبية لأوروبا أو أثناء محاولات اجتياز السياج السلكي المحيط بكل من مدينتي سبتة و مليلية المحتلتان، إلى جانب وضعيتهم المعيشية التي تنعدم فيها الشروط الدنيا، في ظل مقاربة محض أمنية لا تراعي حقوق المهاجرين بغض النظر عن وضعهم و التي تكفلها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
و بالرغم من الأهمية البالغة للتوصيات الواردة بالتقرير، و التي نثمنها، إلى أن بعضها قد بدا متناقضا مع المرجعية الدولية التي اعتمدها التقرير في التأسيس لمقاربته، و كنموذج على ذلك ما يتعلق بالفئة الأكثر هشاشة و هم المهاجرون غير النظاميون، حيث دعا المجلس المقاولات إلى :” الامتناع عن تشغيل الأشخاص الموجودين في وضعية غير قانونية والعمل على تسوية وضع المستخدمين الموجودين في نفس الوضعية”، مما يعني، الدعوة إلى تشجيع المقاولات وأرباب العمل في المغرب على استدامة حرمان فئة من المهاجرين من مورد رزق يمكنها ويعينها على توفير حاجياتها الأساسية و الضرورية، والتمتع بحقوقها الأساسية دون تمييز من أي نوع، مثل التمييز بسبب الجنس، أو العنصر، أو اللون، أو اللغة، أو الدين أو المعتقد، أو الرأي السياسي أو غيره، أو الأصل القومي، أو العرقي، أو الاجتماعي، أو الجنسية، أو العمر، أو الوضع الاقتصادي، أو الملكية، أو الحالة الزوجية، أو المولد، أو أي حالة أخرى.
إن في هذه الدعوة ما يخالف المقاربة الحقوقية التي تفرض إعمال الحقوق المتعلقة بالمهاجرين بغض النظر عن وضعهم الإداري و من ضمنها، الحق في شروط عادلة و مواتية للعمل، و التي تنص عليها الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، من خلال الحقوق المتصلة بظروف العمل و شروطه ( المادة 25) و الحق في الانضمام و الاشتراك في النقابات( المادة 26) و الحق في الضمان الاجتماعي ( المادة 27)، إلى جانب مبدأ المساواة و عدم التمييز بموجب معاهدات الأمم المتحدة الأساسية لحقوق الإنسان.
إن المهاجرين غير النظاميين المقيمين بالمغرب هم جزء لا يتجزأ من المجتمع المحلي، و يعانون كثيرا من جراء وضعهم كفئة هشة، خاصة النساء و الأطفال، ما يستدعي العمل من أجل حماية حقوقهم و كرامتهم الإنسانية، بعيدا عن المقاربات الأمنية و الاستعمالات السياسية، خاصة تجاه القادمين من بلدان تعاني من النزاعات المسلحة أو من الأمراض الخطيرة، و التي يمكن أن تستخدم في الخطابات السياسية و الإعلامية للتخويف منهم، و كذا عبر الترويج بأن تدفقاتهم ستدفع سوق الشغل الوطني المحدود إلى الانهيار، و هي الأفكار الخاطئة التي تساهم في تعزيز الصورة النمطية لدى العموم حول الهجرة، خاصة و أن المغاربة المقيمين بالخارج كانوا و مازالو يعانون في دول المهجر من ذات المعاملات و لو بحدة أقل، و هذا ما يستدعي من جميع المتدخلين العمل من أجل صياغة و تنزيل سياسة وطنية للهجرة تنبني على أساس حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا، بعيدا عن المقاربات الأمنية، و تأخذ بعين الاعتبارات كافة حقوق المهاجرين بما فيهم من هم في وضعية غير نظامية.