انضمت منظمات إسلامية إلى التظاهرة التي دعت إليها أمس الأحد جمعية “التظاهر للجميع” للمطالبة بسحب القانون الذي يعطي حق الزواج لمثليي الجنس. فيما انتقدت هذه المنظمات “نظرية النوع” التي تسوق لها المدرسة الفرنسية حسب تعبيرها.
ليست الجمعيات الكاثوليكية أو تلك التي تدافع عن نموذج الأسرة التقليدية الفرنسية هي وحدها التي شاركت في التظاهرة التي نظمت اليوم الأحد بباريس وليون من أجل إرغام الحكومة على سحب قانون “الزواج للجميع” الذي يبيح الزواج لمثليي الجنس، بل شاركت أيضا منظمات مسلمة مناهضة للقانون الذي صادق عليه البرلمان الفرنسي في شهر مايو/أيار من العام الماضي. ومن بين هذه الجمعيات، يمكن ذكر ” تجمع أبناء فرنسا” و”تجمع المسلمين من أجل الطفولة” إضافة إلى منظمات إسلامية أخرى
وفي ندوة صحفية نظمت قبل بدء المسيرة بباريس، شرح كمال بن شيخ مؤسس ” تجمع أبناء فرنسا” الأسباب التي جعلته يشارك في مثل هذه المسيرة التي انطلقت من حي “المدرسة العسكرية” بالدائرة الباريسية السابعة إلى ساحة ” دنفير روشرو” بالدائرة الرابعة عشرة وسط إجراءات أمنية مشددة.
“نحن ضد فكرة التلقيح الاصطناعي”
وقال كمال بن شيخ: “البعض يعتقد أن زواج المثليين ليس منتشرا بين مسلمي فرنسا. لكن هذا خطأ كبير ويبين أن المسلمين غير مندمجين بشكل كامل في المجتمع الفرنسي”. وأضاف ذات المتحدث أنه ساند منظمة “التظاهر للجميع” منذ البداية كون أن ” تجمع أبناء فرنسا” متمسك بقيم العائلة التقليدية وبحبه لفرنسا وقيمها ذات الأصول الدينية الكاثوليكية”.
وفي سؤال ماذا تنتظرون من مثل هذه المسيرة كون أن قانون زواج المثليين قد تمت المصادقة عليه ولا يمكن الرجوع إلى الوراء؟ أجاب كمال بن الشيخ بالقول: لا. طبعا يمكن أن نعود إلى الوراء ونتراجع عن هذا القانون”، مؤكدا أن التجمع الذي يمثله سيقف بالمرصاد أمام أية محاولة من طرف الحكومة تهدف إلى المصادقة على قانون يسمح “بالتلقيح الاصطناعي” كما يخطط له في مشروع قانون الأسرة الجديد الذي سيطرح للنقاش قريبا في البرلمان”.
التربية الجنسية ليست من مهمة المؤسسة التربوية
وبشأن النقاش المتداول حاليا في المدارس حول “نظرية النوع”، أكد كمال بن شيخ أن مهمة الدولة تكمن فقط في تقديم الإمكانات الضرورية من أجل السماح للتلاميذ بمتابعة دراستهم والتعلم في أحسن الظروف، أما تربية الأولاد فهي مهمة تسند للعائلات وليس للمدرسة: “عندما أرسل أولادي إلى المدرسة، أنتظر من هذه الأخيرة أن تلقنهم دروسا في التاريخ والجغرافيا وليس مفاهيم حول الخير والشر. هذه المهمة تسند لآباء الأطفال”.
من جهته، انتقد إدريس سمير رئيس “تجمع المسلمين من أجل الطفولة” المنظومة التربوية الفرنسية، وقال إن الدولة ليس لها الحق في أن تتدخل في التربية الجنسية للأولاد، بل عليها فقط أن تقدم لهم العلم والمعرفة من أجل اكتساب الخبرة التي ستمكنهم في المستقبل من إيجاد فرصة عمل. وأكد خلال الندوة الصحفية التي نظمت في الشارع قرب حي “المدرسة العسكرية” بالدائرة السابعة بباريس أن التربية الجنسية في المدارس لن تساعد أطفالنا على إيجاد فرص عمل. وقال:”أنا كأب أستطيع أن أقوم بذلك – التربية الجنسية- إذا رغبت. لا أريد أن يمس الأولاد بعضهما البعض”، منتقدا في الوقت نفسه جمعيات مثليي الجنس وتلك التي تدافع على حقوقهم التي تنشط في الميدان باسم العدالة والمساواة بين جميع فئات المجتمع.
وهو نفس الكلام الذي ردده مواطن فرنسي مسلم آخر يدعى نجيب غراز الذي شارك في التظاهرة الاحتجاجية. وقال غراز: ” أعيش في فرنسا منذ 35 سنة. لقد جئت لأشارك في هذه التظاهرة لأعبر عن رفضي التام لزواج المثليين ولأقول بأن الدولة أصبحت تهدم كل شيء، الأولاد والعائلة والمجتمع والمدرسة”. وواصل: “إن لم نتحرك اليوم، سنفقد كل شيء في غضون عشر سنوات. وانتقد هذا المواطن الفرنسي من أصل مغربي الدور الذي يلعبه المدرسون في المدارس الابتدائية والذين يروون للأطفال قصصا مفادها أنه لا يوجد فرق بين الأولاد والبنات وأن ألعاب البنات وألعاب الأولاد متشابهة. “لن أقبل بهذا الطرح أبدا. وإذا اشتد الأمر فسأغادر فرنسا نهائيا”.
“نريد الحفاظ على حقوق الأطفال”
أما لدوفين دو لاروشير، رئيسة جمعية “التظاهر للجميع” والتي دعت إلى تنظيم التظاهرة اليوم الأحد، فهي رفضت مرارا صدور أي قانون يحرم طفلا من والده، مشيرة أن “التلقيح الاصطناعي” ما هو إلا طريقة جديدة لتحويل الأمهات والأولاد إلى سلع وقانونها يمس بكرامة النساء. وأضافت أن جمعيتها تناضل من أجل قيم عالمية وجمهورية، مؤكدة أيضا أن تظاهرات مشابهة لتلك التي نظمت اليوم الأحد بباريس وليون نظمت في العشرات من العواصم الأوروبية. وأنهت قولها:”الحضارة هي الحفاظ على الشخص الضعيف ومساعدته. لذا نحن ككبار السن، علينا أن نحافظ على حياة الأطفال الصغار ونحترم حقوقهم وهذا ما نطلبه أيضا من السيد هولاند وحكومته.