امتد إشعاع التجربة النووية الفرنسية بمشاركة إسرائيل في الجنوب الجزائري الى مجموع مناطق شمال إفريقيا ومن ضمن الدول التي مسها الإشعات بقوة المغرب خاصة الجنوب والوسط، وتسترت الدولة الفرنسية عن هذا المعطى الخطير طيلة عقود والذي يعتبر “جريمة ضد الإنسانية” حتى اضطرت للكشف بضغط من القضاء.
وبدأت فرنسا تجاربها النووية في جنوب الجزائر حيث نفدت أول تجربة تفجير يوم 13 فبراير 1960 وتلتها تجارب أخرى في هذا البلد المغاربي ولاحقا في منطقة البولينيزي في المحيط الهادي بعد استقلال هذا البلد المغاربي.
وطيلة عقود تسترت فرنسا على الجرائم المترتبة عن هذه التجارب، والتزمت الصمت لاسيما بعدما لم تتعرض لضغوطات من أنظمة المغرب العربي-الأمازيغي لفتح تحقيق. لكن التحقيق بدأ عندما تقدم مؤخرا مواطنون فرنسيون عملوا في هذا المشروع برفع دعوى الى القضاء للمطالبة بفتح تحقيق وتعويض عما لحقهم من أضرار صحية جراء هذه التجارب، ويتعلق الأمر بمرض السرطان أساسا.
واضطرت وزارة الدفاع الفرنسية الكشف عن خريطة خطيرة للغاية تتضمن رصد الرقعة الجغرافي للإشعاعات. وانفردت جريدة لوباريسيان بنشرها أمس الجمعة، وتبين أنها شملت مجموع إفريقيا الغربية ومست كل منطقة المغرب العربي وحتى سواحل اسبانيا.
ولجأت فرنسا الى أخطر التجارب النووية وتتجلى في تفجير القنبلة النووية في الهواء، وتمثلت التجربة الفرنسية في تفجير نووي على علو مائة متر فقط ولم تكن تجارب تحت البحر أو سطح البحر أو خارج الغلاف الجوي. والتجربة الفرنسية تسبب في أكبر نسبة من التلوث والإشعاع لأنها تمت في الجو. وبلغت قوة التجربة الأولى 62 كيلوطن، والثانية عشرة كيلوطن وعلى مسافة صفر متر اي مباشرة فوق منطقة رغان والثالثة أقل وكانت 3 كيلوطن على علو 50 مترا والرابعة في العلو نفسه ولكن فقط نصف كيلوطن.
ومست الإشعاعات مجموع منطقة المغرب باستثتاء منطقة جغرافية محصورة ما بين مثلث طنجة-تطوان-والساحل الأطلسي الى غاية الجديدة، ويتبين من الخريطة أن المنطقة الأكثر تأثيرا هي الممتدة ما بين مراكش وورزازات الى غاية الصحراء المغربية.
ويبدو أن وزارة الدفاع الفرنسية وتحت ضغط القضاء كشفت عن هذه الخريطة بعد تعديلها، وتؤكد جريدة لوباريسيان نقلا عن هيئة الدفاع عن المتضررين أن وزارة الدفاع ترفض الكشف عن خرائط أخرى حساسة تبرز الخطر الحقيقي لهذه التجارب النووية.
ويؤكد خبير التجارب النووية برينو باريلو أن الجيش الفرنسي حاول دائما التقليل من تأثير هذه الأشعاعات، لكن التجارب تؤكد ظهور أمراض خطيرة بعد مرور 30 سنة على التجارب.
وأجرت فرنسا أربعة تجارب نووية أقواها “اليربوع الأزرق” سنة 1960 وهي فاقت قوتها قنبلة هيروشيما 15 مرة. وتعرض المنطقة لأربع تجارب خلال سنة واحدة يبرز مدى خطورة الأشعاعات المتراكمة.
وتدخل التجارب النووية الفرنسية وما ترتب عنها من أخطار ممتدة في الزمن حتى الآن بجرائم ضد الإنسانية.