صدر العدد الجديد من المجلة الدورية المتخصصة في العلوم السياسية “وجهة نظر” التي يديرها الدكتور عبد اللطيف حسني، وتحمل عنوانا عريضا “المغرب الى أين”، وهو العنوان الذي يعكس مضمون الدراسات التي تحاول التكهن بالتطورات التي قد يشهدها المغرب انطلاقا من مستقبل الأحزاب الى المؤسسة الملكية.
ويزخر العدد بمقالات تحليلية للوضع السياسي والاجتماعي في المغرب حيث يلامس أسس الدولة المغربية والتصورات التي تقوم عليها وكيفية تعاطيها مع التطورات الطارئة في المشهد العالم للبلاد.
واعتمدت المجلة في غلافها السفينة الإيطالية الشهيرة “لاكونكورديا” التي غرقت أمام سواحل هذا البلد الأوروبي، حيث يؤكد مدير المجلة أن المغرب يتجه نحو المجهول بسبب غياب الرؤية الاستراتيجية لواقع البلاد، ويضيف في المقدمة أن المغرب يبدو مستقرا ظاهرا ولكن في العمق يحدث العكس. وينتقد دور بعض جمعيات المجتمع المدني التي ربطت نفسها بالريع المالي، ويوجه نقدا أكبر للتخبط الذي يشهده قطاع التعليم الذي يعتبر قافلة لرفع البلاد، وهو ما لا يحدث في المغرب.
ويعالج مدير المجلة في مقال “موقف الحركة العمالية من حركة 20 فبراير”، حيث يبرز الوضع السلبي للنقابات من النضالات التي يشهدها المغرب بعدم دعمها للتطور الديمقراطي وسقوط القيادات في ريع آخر اقتصادي آخر، لاسيما وأن الأوضاع المالية للنقابات تحوم حولها الكثير من الشبهات والتساؤلات.
وحول ملف الأمازيغية، يكتب أحمد عصيد مقالا بعنوان “هوية السلطة وثوابتها في تدبير ملف الأمازيغية”. ويعالج المقال العوامل التي ساهمت في انطلاق الأمازيغية واحتلالها حيزا هاما في المشهد السياسي والأكاديمي، وتتجلى في: ارتفاع دينامية نشطاء الحركة الأمازيغية، وصول ملك جديد الى العرش، والعامل الثالث هو انفجار الاحتجاجات في منطقة القبايل الجزائرية سنة 2001، وفي عامل آخر رابع وأخير ومرتبط بالخارج هو ارتفاع الحركات الاحتجاجية دوليا. ويسرد الكاتب مجموعة من الإجراءت التي صبت في صالح الأمازيغية انطلاقا من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الى التنصيص عليها في الدستور، وينتهي الى أن معظم الإجراءات كانت تدخل في إطار التسوية الظرفية لملف الأمازيغية.
“من مركزية التربية الوطنية الى التعليم الجهوي المغربي، هو المقال الذي يعالج فيه الباحث المصطفى عيشان وينطلق فيه من أن المغرب لا يتوفر على تعليم جهوي تشاركي مبني على أسس ديمقراطية يمكن البلاد من إقلاع تنموي. ويفسر تأخر المغرب بسبب المشاكل التي يتخبط فيها، وفي الوقت ذاته يضع تصورا للتعليم الجهوي في المغرب لتحقيق التنمية.
“الظاهرة المخزنية الجديدة بين مقاربة جديدة: بين خصوصية الطرح وضرورة إعادة تركيب المدخل التاريخي” مقال من توقيع الباحث أستاذ رشيد شيريت الذي ينطلق من منظور تاريخي لفهم الواقع السياسي المغربي راهنا. ويرصد الباحث نشأة مفاهيم “أمير المؤمنين” في خصوصياته المغربية ودور الجهاد التاريخي في مواجهة “النصارى” وعلاقة المد والجزر بين السلطة المركزية والزوايا والرهان على ثنائية الاحتضان والصدام لاحقا إذا لم تنجح الأولى. ويقدم قراءة جديدة للظاهرة المخزنية قائمة على المخزن مجالا جغرافيا، ثم عقائديا وإديولوجيا وسلطويا. ويتوقف عند سنة 1912، تاريخ الاستعمار. والمقال الطويل مقدمة للظاهرة المخزنية حتى الوقت الراهن.
وفي مقال آخر، يوقع الدكتور حسين مجدوبي مقالا بعنوان “مستقبل الملكية العلوية بين حتمية التحول الديمقراطي أو الزوال” يعالج فيه التحديات التي تواجهها المؤسسة الملكية في الوقت الراهن ومستقبلا وينطلق من مناقشة أطروحة “حتمية الملكية في المغرب” ليؤكد زيف هذه الأطروحة على ضوء أحداث تاريخية. ويرى أن الملكية، وفي ظل التطورات الدولية واكتساب الشعب المغربي، وعيا جديدا لا مفر للملكية من التطور نحو الديمقراطية إذا أرادت الحفاظ على استمرارها.
وفي مقال مشابه حول الموضوع نفسه، يقدم الدكتور عثمان الزياني دراسة استشرافية للمؤسسة الملكية بعنوان “مستقبل الملكية في النظام السياسي المغربي” يعالج فيها مستقبل هذه المؤسسة على ضوء انفجار الربيع العربي، وبدوره يؤكد على ما يعتبره “فروض الدمقرطة” الى ضرورة ترسيخ الملكية لنظام ديمقراطي حقيقي.
ويتضمن العدد مقالات متعددة منها “الإشكالات التي تطرحها الجلسة الشهرية لرئيس الحكومة” من توقيع عبد الرحيم علام يبحث فيها كيفية تنصيص الدستور على إلزام رئيس الحكومة بالحضور والإشكالات التي تطرحها في كل من مجلس النواب ومجلس المستشارين. ويقدم الباحث وجهة نظر مختلف الأطراف من معارضة وحكومة وباحثين.
ومن أوراق التاريخ، يقدم في هذا العدد الباحث موس حسناوي مقالا حول “المقاومة المسلحة في الأطلس المتوسط، بمناسبة الذكرى التسعين لاستشهاد موحى أوحموا الزياني”