اعتبر تقرير صادر عن لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي أن المخابرات الأمريكية سي إي إي ضللت الرأي العام والحكومة بشأن أساليب التعذيب ومراكز الاعتقال الدولية التي أنشأتها ومنها في دول عربية حليفة ومن بينها المغرب.
وحصلت جريدة الواشنطن بوست على معطيات هامة من التقرير الضخم المكون من 6300 صفحة الذي أعدته لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ، وتبرز الجريدة أن المسؤولين الأمريكيين الذين اطلعوا على مضمون التقرير بشأن أساليب الاستنطاق يتحدثون عن فظاعات وخروقات وسجون سرية في مختلف مناطق العالم.
وتنقل جريدة واشنطن بوست، التي تعتبر مرجعا في فضح الخروقات ومنها فضيحة واترغيت التي أدت الى استقالة الرئيس نيكسون، ممارسة المحققين التعذيب على المشتبه فيهم حتى في حالة عدم توفرهم على معلومات. ويتحدث التقرير عن إغراق وهمي للمشتبه فيهم في خزانات ثلجية في أفغانستان وأساليب تعذيب في دول أخرى.
ويبقى المثير في الأمر هو اعتبار التقرير أن المعلومات التي حصلت عليها المخابرات الأمريكية عن طريق تعذيب المشتبه فيهم لم تقد نهائيا الى اعتقالات هامة ومنها اعتقال أسامة بن لادن، فقد جرى اعتقال الأخير بطريق مختلفة لا تمت للتعذيب بصلة.
وهذه من النقط الرئيسية التي تثير الآن زوبعة وسط الطبقة السياسية الأمريكية وتدفع مجلس الشيوخ الأمريكي الى احتمال المطالبة بفتح تحقيق جنائي ضد مسؤولين أمنيين سابقين وحاليين.
ومن ضمن ما تضمنه التقرير هو وجود سجون سرية للمخابرات الأمريكية في الخارج التي كان يتم نقل المشتبه فيهم إليها لاستنطاقهم في كل من بولونيا ورومانيا والمغرب والأردن. وكانت جريدة واشنطن بوست قد تحدث سابقا عن منح المخابرات الأمريكية المغرب 20 مليون دولار لبناء سجن خاص في ضواحي الرباط، جاء ذكره في عدد من التقارير الدولية سواء للجمعيات الحقوقية مثل منظمة العفو الدولية أو تقرير الأمم المتحدة.
ويكتب دافيد إغناتيوس في جريدة واشنطن بوست أمس أن ما قامت به المخابرات الأمريكية من أساليب التعذيب في ملاحقة أنصار القاعدة يشكل حلقة سوداء في التاريخ الأمريكي. ويؤكد أنه من المنتظر التصويت غدا على الكشف عن مضمون التقرير علانية.
واعتمد التقرير في دراسته على 20 حالة، حيث تبين أنه كان يمكن تفادي التعذيب للحصول على المعلومات الهامة لمكافحة الإرهاب، وينقل أن موظفي المخابرات سي إي إي يعترفون بأخطاء كثيرة في حالات متعددة ما كان يجب اللجوء فيها للتعذيب.
ولم يتردد مجلس الشيوخ الأمريكي في فتح تحقيق سياسي قد يتطور الى جنائي عندما تأكد من وقوع خروقات حقوق الإنسان وعمليات تعذيب تحولت الى نقطة سوداء في تاريخ الولايات المتحدة، كما يقول دفيف إغناتيوس.