خلف قرار الحكومة الجزائرية بتغيير سفير بلادها بباريس، جدلاواسعا تركز أساسا حول توقيت القرار وشكله، وبينما اعتبرت مصادر دبلوماسية في فرنسا على معرفة بالسفير الجزائري بباريس، أن طريقة استبداله لم تكن ملائمة، اعتبرها البعض الآخر مؤشرا على امتداد يد الجيش في الجزائر لإعادة ترتيب محيط الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وتفكيك حزام المقربين منه، تمهيدا للمرحلة المقبلة.
و نقلت صحيفة الحياة اللندنية عن مصدر دبلوماسي عربي على معرفة وطيدة بالسفير الجزائري بباريس، ميسوم صبيح، الذي جرى إصدار قرار رئاسي باستبداله الأربعاء المنصرم، “استغرابه من السرعة التي تمت بها عملية استبدال السفير الجزائري بباريس بسفيرها ببروكسيل عمار بن جامع”، ويضيف مبرزا أن هذا القرار يعني “بدأ القيادة العسكرية التي تقود السلطة في البلاد”، بينما الرئيس بوتفليقة أسير مرضه في باريس ومعزول عن القوى السياسية والشعبية الحية الأخرى، “بدأها في التخلص من الدائرة الثانية المرتبطة بالرئيس قبل البدإ بالتعامل مع الدائرة الأولى”.
و معلوم لدى الجزائريين الصلة الوطيدة التي تربط السفير ميسوم صبيح وهو قانوني معروف، بالرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، بل كان احد مراجعه الاستشارية في صياغة الدستور.
وتختلف أهمية موقع السفير الجزائري بباريس عن باقي المواقع الدبلوماسية الجزائرية في البلدان الاخرى، لذلك فإن التغيير الذي مس عددا من سفراء وقناصلة جزائريين ببلدان اخرى هذه الايام، حسب بعض المراقبين، لا يستطيع ان يحجب صفة الاستثناء في حالة السفير بباريس رغم الانطباع بكونها حركة تغيير عادية تشمل عددا كبيرا منهم.
وكان ميسوم صبيح على اتصال حسب مصادر متطابقة بالرئيس بوتفليقة الذي يقيم في باريس منذ27 أبريل يتلقى العلاج من جلطة دماغية ألمت به. ويوجد الرئيس وبوتفليقة فقط في اتصال مع دائرة ضيقة من الحكومة والمؤسسة العسكرية التي تتحكم من تحت ستار بتلابيب شؤون البلاد.
وظهر بوتفليقة في صورة سعت من خلالها السلطة الرسمية الجزائرية في طمأنة الراي العام الجزائري عن صحة رئيسهم الذي يخضع لعلاج منذ أزيد من شهر ونصف، غير ان تلك الصور لم تجلب طماننية كبيرة للجزائريين ، خصوصا ان زيارة الرئيسلم تتم أيضا ولو لاحقا من قبل شخصيات جزائرية تمثل المعارضة أو مستقلة.
في هذا السياق تستأثر عملية تغيير سفير الجزائر بباريس بتعاط خاص من قبل المراقبين، غالبيتهم يرون انه إجراء محسوب على نية ترتيب لدى السلطة الرسمية والعسكر للمرحلة المقبلة، مرحلة ما عبد بوتفليقة.