نشر وزير الاتصال المغربي مصطفى الخلفي يوم 2 أكتوبر الجاري رسالة، عبارة عن إشهار، في الجريدة الاقتصادية الدولية والت ستريت جورنال موجهة الى منظمة هيومن رايتس ووتش ينتقد فيها تعاطي هذه المنظمة مع ملفات المغرب الحقوقية. ويجري هذا في وقت تعاني فيه قضية الصحراء من فراغ إعلامي في السويد بينما أصدرت جبهة البوليساريو كتابا باللغة السويدية عن تجربتها.
وشن وزير الاتصال حملة ضد ما يعتبره تعاملا غير منصف من طرف هذه المنظمة الحقوقية الدولية مع قضايا المغرب، ولم يتردد في التشكيك في خبراء المنظمة واتهام البعض منهم بالتبضع وخدمة أجندة شخصية، في إشارة محتملة الى الأمير هشام عضو المنظمة والصحفي أحمد بنشمسي الناطق باسمها في شمال إفريقيا والشرق الأوسط. وكانت جريدو لوبينيون الفرنسية قد ذهبت في هذا الاتجاه. وهدد بحق الدولة المغربية بتعليق أنشطة المنظمة في المغرب.
وردت هيومن رايتس ووتش ببيان تؤكد فيه أن الرسالة مدفوعة الثمن، أي إشهار سياسي، وتعهدت بالإستمرار في مراقبة حقوق الإنسان رغم الانتقادات التي رفضتها، ووصفتها بدون أسس.
وهذه هي المرة الثانية التي تشهد الصحافة الأمريكية نشر رسالة متعلقة بالواقع المغربي بعد الرسالة التهديدية الشهيرة التي كان هشام المنظري قد وجهها الى ملك المغرب الراحل الحسن الثاني قبل وفاته بأسابيع قليلة.
واختار مصطفى الخلفي هذه الجريدة الاقتصادية بعدما عجز، على ما يبدو، عن إقناع جرائد أمريكية مثل نيويورك تايمز والواشنطن بوست بنشر الرسالة الموجهة الى هيومن رايتس ووتش. إذ أن المكان المناسب للرسالة هو نيويورك تايمز أو الواشنطن بوست وليس جريدة اقتصادية.
ومن المحتمل أن يكون المغرب قد أدى مبلغ يفوق 50 ألف دولار مقابل عملية النشر في هذه الجريدة الاقتصادية. ويبقى النشر في جريدة اقتصادية مثيرا للتساؤل بحكم أن رجال الاقتصاد عادة لا يهتمون بحقوق الإنسان. كما أن نشر رسائل من هذا النوع دائما يأتي بنتائج عكسية.
وعمليا، ونظرا للوضع الصعب لملف الصحراء، كان المنطق يتطلب نشر رسالة حول الصحراء في الصحافة السويدية، خاصة وأن اللوبي المناهض للمغرب والمتعاطفين مع البوليساريو قوي في إعلام هذا البلد، ومن ضمن آخر ما أصدره كتاب يحمل اسم “الرقص مع النعام” للمؤلفة مونيكا زالك، يعالج الثقافة الصحراوية ويحكي نزاع الصحراء من وجهة نظر البوليساريو.
ومنذ اعتراف البرلمان السويدي بما يسمى الجمهورية الصحراوية في ديسمبر 2012، لم يقدم ولا وزير مغربي وخاصة وزير الخارجية صلاح الدين مزوار ولا وزير الاتصال مصطفى الخلفي على نشر مقال واحد في صحافة السويد، ولو بيان مؤدى عنه، لتقديم معطيات حول الصحراء من وجه نظر المغرب.
إنها المفارقة!