تواجهه الجزائر تحديات تتربص باقتصادها نتيجة قرار دول أوروبية بإعادة جدولة حجم واردرتها من الغاز الجزائري، وخفضه إلى ادنى مستوياته، وذلك بسبب تداعيات الازمة الاقتصادية الخانقة عليها، ولرغبتها أيضا في تنويع مصادر وارداتها من الغاز والطاقة، والبحث عن أسعار تنافسية، فيما لا يُخفي مراقبون آخرون أن يكون الاعتداء الإرهابي على مصنع للغاز جنوب الجزائر “، قد خلف تداعيات سلبية على ثقة المستوردين الاوربيين. ويعظم القلق لدى الجزائر من تداعيات ذلك على اقتصادها الداخلي وعلى المطالب الاجتماعية المتزايدة.
واتخذت شركات أوروبية تستورد الغاز من الجزائر إجراءات تقضي بخفض حجم واردتها من الغاز الجزائري خلال السنة الحالية والمقبلة 2013 و 2014 . وفي هذا السياق أعلنت المجموعة الإيطالية إي ني المكلفة باستراد الغاز من الجزائر بتهيئتها لعقد اتفاق جديد مع شركة سونطراك الجزائرية المكلفة بتصدير المحروقات الجزائرية من نفط وغاز، يتضمن خفضا لحجم الغاز الذي تعتزم استيرادها خلال السنة الحالية والعام المقبل .
وتتهيأ بلدان اوروبية اخرى في مقدمتها إسبانيا لاتخاذ إجراء مماثل، حيث تفكر بخفض الواردات من الغاز الجزائري. و تتخوف الجزائر ان يمتد هذا القرار إلى بلدان اخرى مثل فرنسا والبرتغال.
وتزود الجزائر أوروبا بحوالي 20 في المائة من حاجياتها من الغاز الطبيعي. وتصل حصة إيطاليا سنويا حوالي 33مليار متر مكعب، وذلك عبر انبوب يبلغ طوله حوالي 2500 كلم 370منها تمر بالاراضي التونسية . فيما بلغت عائدات صادرات الجزائر من الغاز الطبيعي إلى إسبانيا، حسب تقديرات رسمية اخيرة تخص الربع الاول من العام الحالي إلى 600 مليون دولار . ويتكلف أ نبوب نقل الغاز الذي يطلق عليه اسم “ميدغاز” ويبلغ طوله 1050كيلومتر 550 منها تمتد داخل الاراضي الجزائرية و بعمق بحري يصل إلى 2000كليومتر ، يتكلف بنقل حوالي 8مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي
وتتعدد الأسباب التي تدفع دولا اوروبية تتزود عادة لحاجتها من الغاز الطبعي من الجزائر إلى خفض وادرتها من هذه المادة من هذا البلد المغاربي، وهو تاسع بلد في العالم يتوفر على احتياط الغاز بحجم 5، 4 تريليون متر مكعب ، من أبرزها :
– التدعيات المباشرة للازمة الاقتصادية على حجم الاستهلاك والانفاق باوروبا
– رغبة الدول الاوروبية في تنويع مصادرها من الغاز والانفتاح على اسواق اخرى كما أبزر ذلك مسؤول في وزارة الطاقة الإيطالية حيث أشار إلى ان بلاده مهتمة بالبحث عن اتفاق مع دول من شرق إفريقيا وامريكا اللاتينية.
– وصول الغاز الامريكي المتنامي إلى السوق الأوروبية
– وجود خلافات أوروبية مع الجزائر حول أسعار الغاز المطبقة.
– أثر الاعتداءات الإرهابية التي لحقت مضنع الغاز الجزائري مطلع هذه السنة اذكى المخاوف لدى الاوروبيين من تأثر الإمدادات مستقبلا بحوادث مشابهة.
وقد لجأت الجزائر في اول إجراء لها لمحاولة تطويق تراجع صادراته من الغاز الطبيعي إلى اوروبا هو خفض سعر الغاز إلى 85 سنتيم وذلك لتدارك فقدان اسواق جديدة.
وتعتبر الجزائر من اكثر الدول المصدرة للطاقة “أوبيب”، ارتباطا بصادرتها من مواد الطاقة مثل الغاز والنفط، وتصل إلى 97 في المائة من مجموع صادر الجزائر، وتغطي عائدات هذه المواد ثلثي دخلها القومي.
وفي ظل هذا الانخفاض المرتقب في واردات الدول الاوروبية للغاز الجزائري، تتخوف الجزائر من الانعكاسات السلبية على اقتصادها الداخلي ، حيث قد يؤدي إلى توسيع العجز. كما يُخشى من ان يحمل تداعبات اجتماعية سلبية يفضي إلى اضطراباتـ، خصوصا في ظل تنامي المطالب بالتشغيل، وسد الحاجات الاجتماعية للمواطنين، ولعل الاحتجاجات التي شهدتها مناطق مختلفة من الجزائر تشير إلى حساسية الملف الاجتماعي في ضوء أي أثر اقتصادي سلبي.