خلال نهاية الأسبوع الماضي، شهد العالم تظاهرات متعددة المطالب وفي فضاءات مختلفة سواء القرارات أو الثقافات، من نيوزيلندا الى الجزائر ومن باريس الى لندن ومن الجزائر الى الرباط، ويبقى القاسم المشترك هو رغبة الشعوب تحديد مصيرها بعيدا عن مصالح الشركات والهيئات العميقة التي تحرك الدول، لكن المغرب تميز عن باقي التظاهرات باستعمال العنف ضد المواطنين.
فقد شهدت نيوزيلندا تظاهرات ذات عمق حضاري راق للغاية عندما خرج عشرات الآلاف للتضامن مع المسلمين والتنديد بالإرهابي الذي قتل في دقائق معدودة 50 شخصا كانوا يمارسون عقيدتهم الدينية بكل اطمئنان. كانت الجريمة خطيرة، ولكن مشاعر التضامن كانت أكبر من الإيديولوجية التي استعملت في هذه الجريمة وهي العنصرية وتفوق البيض.
وفي اليوم نفسه، انتفضت الجماهير في الجزائر للمرة الخامسة على التوالي منددة بما أصبحت تعتبره حكم العصابة في قصر المرادية في العاصمة الجزائر، انتفضت الجماهير ضد مجموعة من الأشخاص أعطوا لنفسهم الحق في تقرير مصير شعب بالكامل من خلال التلاعب بالدستور وبثروات البلاد وكأن الخالق جعلهم أوصياء في الأرض.
وفي اليوم الموالي، السبت، اندهش العالم للتظاهرة الضخمة التي احتضنتها العاصمة لندن، حيث خرجت الجماهير مطالبة بإعادة النظر في الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وإعادة النظر في قرار يعتقدون أنه جرى استخراجهم منهم في لحظة غفلة عن الواقع.
وفي الجانب الآخر من بحر المانش، كانت فرنسا وخاصة باريس على موعد للمرة 19 مع تظاهرات السترات الصفراء، الحركة القادمة من أعماق الشعب الفرنسي التي قلبت الكثير من الموازين بعدما اطمأنت الليبرالية الى السيطرة علة مستقبل ومقاليد البلاد. لم يحدث العنف وساهم الجيش في نشر الأمن.
وفي الرباط، نزل أكثر من خمسين ألف من الأساتذة للتظاهر في العاصمة ضدا على سياسة التقشف التي استهدفت قطاعا حيويا من قطاعات البلاد وهو التعليم، بعدما فضلت الدولة المغربية تغليب توصيات صندوق النقد الدولي على حساب مستقبل البلاد.
والتساؤل: ما هو القاسم المشترك بين شعوب هذه الدول؟
لقد أعاد الجزائريون الروح للربيع العربي في وقت اعتقد فيه أصحاب الثورة المضادة أنهم ربحوا المباراة. وأعاد البريطانيون النقاش حول ضرورة إعادة النظر في نتائج استفتاء جرى في عفلة من الجميع. ويؤكد الفرنسيون على ضرورة عدم استفراد مؤسسات ليبرالية بمستقبل البلاد. وأعطت نيوزيلندا درسا للعالم في التسامح. وبما أن المغرب دول الاستثناء، فقد عممت العنف الأساتذة. إنه الاستثناء المغربي بامتياز.