يوجد ترقب حول مضمون خطاب الملك محمد السادس بمناسبة عيد المسيرة الخضراء غدا السبت الذي يأتي هذه السنة في ظروف استثنائية. وبينما أعربت اسبانيا عن قلقها من التطورات الجارية بين المغرب والجزائر، تلتزم باقي دول الاتحاد الأوروبي الصمت دون مساعي وساطة تذكر.
وتمر العلاقات بين المغرب والجزائر بتوتر خطير لم تشهده منذ السبعينات سواء بسبب نزاع الصحراء أو الاتهامات التي توجهها الجزائر الى جارها الغربي بالتورط فيما تعتبره “ضرب استقرار الجزائر” بتنسيق مع قوى أجنبية في إشارة الى إسرائيل، وأخيرا مقتل ثلاثة سائقين جزائريين بداية الأسبوع الجاري في قصف نسب الى الجيش المغربي. ووقع القصف شرق الصحراء الغربية.
وسيلقي الملك محمد السادس غدا السبت خطابا بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء. وهناك تساؤلات حول مضمون الخطاب، هل سيسير في منحنى التهدئة والحديث عن حسن الجوار أم الرد على ما يعتبره المغاربة “استفزازات الجزائر بالمغرب” وصلت الى وصف الدولة المغربية بالإرهاب وتدويل الملف أمام الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي علاوة على إجراءات سابقة مثل قطع العلاقات الدبلوماسية ومنع تحليق الطائرات المغربية في المجال الجوي الجزائري.
وتميزت الخطابات الملكية خلال السنتين الأخيرتين في إشارتها للجزائر إما بالانتقاد المبطن بسبب سياستها في الصحراء أو الدعوة الى الحوار وفتح الحدود البرية المغلقة منذ سنة 1994.
ومما يضفي أهمية على مضمون الخطاب كون المغرب لم يعلق حتى الآن رسميا على الاتهامات الجزائرية سوى بتعليقات مبهمة ومحدودة مثل “تفضيله لحسن الجوار” وفق الناطق باسم الحكومة أمس الخميس، ثم تسريب تصريحات تحت اسم “مصادر عليا” لوكالات أجنبية.
وفي جانب آخر مرتبط بهذا الموضوع، صرح وزير الخارجية الإسباني خوسي مانويل ألفاريس في البرلمان الخميس من الأسبوع الجاري “نتابع بقلق كل ما من شأنه أن يمس شريكين استراتيجيين لإسبانيا وكذلك أساسيين لاستقرار وتقدم البحر الأبيض المتوسط”. وأوضح في تصريحاته بمتابعة الوضع عن قرب وقيام اسبانيا بمساعيها لتفادي مزيد من التصعيد بين البلدين. ولم يعلن هل ستقوم اسبانيا بدور الوساطة المباشرة أم لا.
وتهتم اسبانيا كثيرا بالنزاع المغربي-الجزائري بسبب القرب الجغرافي ثم مسألة استيرادها للغاز يجعلها الأكثر تأثرا بما قد يحدث بينهما. وعانت الدبلوماسية الإسبانية خلال الشهور الأخيرة بسبب الضغط الممارس عليها من طرف المغرب والجزائر سواء في ملف الصحراء مثل قضية استقبال مدريد لزعيم البوليساريو إبراهيم غالي للعلاج أو الهجرة.
ومقابل الاهتمام الإسباني العلني، فضلت دول أخرى وعلى رأسها فرنسا التزام الصمت ومراقبة التطورات، وبدورها لم تصدر المفوضية الأوروبية أي تعليق على الأزمة بين بلدين هامين للاتحاد. وكانت مصادر أوروبية قد ألمحت سابقا أن الغرب غير مهتم كثيرا بمساعي التهدئة بين البلدين، ولهذا لم تصدر دعوات التهدئة حتى الآن.