ارتفعت وتيرة طرد حكومة مدريد ورفض تجديد بطاقة الإقامة للمهاجرين المغاربة في اسبانيا بسبب الأزمة الاقتصادية، مما جعل عددهم يتقلص قانونيا ويرتفع عدد المقيمين بطريقة غير قانونية. وتجري هذه التطورات في وقت لم تفتح فيه حكومة الرباط حوارا مع السلطات الإسبانية لمعالجة هذا الوضع المقلق رغم الحديث عن علاقات مثالية بين البلدين في الوقت الراهن.
وقدمت حكومة مدريد هذه الأيام الإحصاء الجديد للسكان الذي يتحدث عن تراجع ساكنة اسبانيا بسبب عودة جزء من المهاجرين الى أوطانهم علاوة على هجرة الإسبان الى دول أوروبية وأمريكا اللاتينية وشمال هذه القارة كذلك.
وقدمت السلطات أرقاما ونشرتها وسائل الاعلام الإسبانية ومنها جريدة الباييس التي تتحدث عن تراجع نسبة المغاربة بقرابة 53 ألف مغربي خلال سنة 2013 وحدها ليستقر في حوالي 700 ألف، مشيرة الى عودتهم الى أوطانهم. وهذا الرقم قريب من رقم سنة 2012، وبهذا يتراجع عدد المغاربة المقيمين قانونيا بأكثر من مائة ألف خلال الثلاث سنوات الأخيرة بعدما كانوا 820 ألف.
والواقع أن الأمر لا يتعلق بعودة طوعية، وإن كان هناك حالات طوعية قليلة جدا، بل في الغالب بعمليات رفض السلطات الإسبانية تجديد بطاقة الإقامة للمهاجرين، مما يجعلهم يسقطون مباشرة من الإحصاء الرسمي للمهاجرين ويتعرضون للطرد. وتوجد حالات انتقال الى الدول الأوروبية الأخرى.
وعلاقة بالنقطة الأخيرة، كانت ألف بوست قد تطرقت طيلة سنتين الى الهجرة المغربية نحو شمال أوروبا وخاصة بلجيكا وهولندا، لكنه رغم وجود المهاجر في هذه الدول لا يتخلى عن إقامته في اسبانيا إلا ناذرا في حالة حصوله على إقامة في البلد الجديد، وهو الأمر الصعب. وعادة يسافر فقط الذين يتوفرون على بطاقة الإقامة الدائمة أو الجنسية الإسبانية، وهم الأغلبية، ويجري الحديث عنهم هنا بمثابة مهاجرين اسبان وليس مغاربة.
وتفيد مختلف المعطيات التي حصلت عليها القدس العربي وكذلك التي عايشتها بارتفاع نسبة الطرد في صفوف المهاجرين المغاربة أكثر من باقي الجنسيات. ذلك أن تجديد بطاقة الإقامة خاصة بالنسبة لأصحاب بطاقة الإقامة المؤقتة مرتبطة بضرورة تقديم عقد عمل وتأدية الضمان الاجتماعي، وهو ما لا يتوفر لدى الكثير من المغاربة في الظروف الحالية بسبب الأزمة الاقتصادية. وتكون النتيجة هي رفض السلطات تجديد البطاقة ويترتب عن القرار إلغاء اسم المهاجر من لائحة المقيمين رسميا وقانونيا في البلاد، وبهذا تنخفض نسبة المغاربة ضمن الإحصاء العام.
تغليط وتعاون مغربي في الطرد
وتؤكد مصادر مغربية نشيطة بمجال الهجرة في اسبانيا أنه “مقابل ما تقدمه السلطات الإسبانية وتنقله صحافة اسبانيا والمغرب من مغادرة المهاجرين المغاربة لإسبانيا، ارتفعت دعاوي المغاربة أمام المحاكم الإسبانية من أجل وقف عملية الطرد واستئناف قرار الحرمان من بطاقة الإقامة”.
وناشدت جمعيات الهجرة المغربية في اسبانيا حكومة الرباط في مناسبات متعددة فتح حوار مع نظيرتها في مدريد من أجل وقف التطبيق الصارم والمبالغ فيه لقانون الهجرة على المهاجرين المغاربة بالأساس، لكنها لم تفعل رغم الحديث عن علاقات ممتازة.
وتعمد مدريد الى تطبيق القانون الصارم لسببين، الأول سهولة طرد المغاربة بسبب القرب الجغرافي، والثاني بسبب التعاون المطلق للسلطات المغربية مع نظيرتها الإسبانية.
المقارنة مع أمريكا اللاتينية ورومانيا
ويتم إدماج عودة المهارجين المغاربة رفقة جاليات أخرى. وبالنسبة لجالية رومانيا، لم يعد مواطنو هذا البلد يحتاجون لتأشيرة للدخول الى اسبانيا، وبالتالي يعودون متى يشاؤون. بينما يجلب النمو الاقتصادي في دول أمريكا اللاتينية ليس فقط المهاجرين الذين يعودون الى أوطانهم للعمل بل كذلك الإسبان الذين يهاجرون الى هذه المنطقة من العالم. ومن ضمن الأمثلة، فقدت عمدت دولة الإكوادرو الى استعادة معظم الأستاذة والمهنيين الذين هاجروا الى اسبانيا منذ سنوات وقامت بالتعاقد حتى مع اسبان.